للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِن حُجَّتِهِم: أنَّ القِصاصَ فيها إذا كانت عَمْدًا بعينٍ واحِدةٍ، فكذلك يجِبُ أن تكون ديتُها في الخَطَأ ديةَ عينٍ واحِدةٍ.

واحتجُّوا بكِتابِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، الذي كتَبهُ لعَمرِو بن حزم: "وفي العَيْنِ خمسُونَ، وفي اليَدِ خمسُونَ، وفي الرِّجلِ خمسُونَ". ولم يخُصَّ عينًا من عينٍ، ولا يَدًا من يَدٍ، ولا رِجلًا من رِجلٍ.

حدَّثنا خلفُ بن قاسم، قال: حدَّثنا محمدُ بن جعفرٍ غُنَدرٌ، قال: حدَّثنا محمدُ بن القاسم الأنْباريُّ، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثني أبو عِكْرِمةَ الضَّبِّيُّ، قال: تقدَّمَ إلى الشَّعبيِّ رَجُلٌ، في رَجُلٍ (١) ضربَ عَيْنَ رجُلٍ، فاحمرَّتْ (٢) فدَمَعَتْ، فشرِقَتْ فاغْرَورقَتْ. فقال الشَّعبيُّ: يحكُمُ فيها بيتُ الرّاعي (٣):

لها أمرُها حتّى إذا ما تبوَّأَتْ ... بأخفافِها مأوًى (٤) تبوَّأَ مضْجَعا

قال أبو عِكْرِمةَ: ومعناهُ أنَّ العينَ يُنتظرُ بها أن تبلُغَ غايةَ ما تَنْتهي إليه، ثُمَّ يُقْضَى فيها حَينئذٍ.

قال أبو عُمر: وكذلك السُّنّةُ في الجِراح كلِّها عندَ مالكٍ (٥) وأصحابِهِ، وأبي حنيفةَ وأصحابِهِ، والثَّوريِّ، والحسنِ بن حيٍّ. لا يُقتَصُّ عندَهُم من جُرْح عَمْدٍ، ولا يُودَى جُرحٌ خَطَأٌ، حتّى يبرأ، ويُعلَمَ ما يؤُولُ إليه.


(١) قوله: "في رجل" سقط من م.
(٢) في ي ١: "فأجهرت".
(٣) هو أبو جندل عبيد بن حصين النميري الشاعر المشهور (تاريخ الإسلام ٣/ ٤٣)، والبيت في ديوانه، ص ١٦٥.
(٤) في ي ١: "مرعى".
(٥) انظر: الموطأ ٢/ ٤٢١ (٢٤٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>