للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافِعيُّ: الذي أختارُ للمُصلِّي أن يُصلِّيَ إحْدَى عَشْرةَ ركعةً، يُوتِرُ منها بواحِدةٍ، فإن صلَّى دُونَ ذلك ركعتَيْنِ، ركعتينِ، وأوترَ بواحِدةٍ، وسلَّم من كلِّ ركعتَيْنِ، وسلَّم بين الرَّكعتَيْنِ وركعةِ الوِترِ فحَسَنٌ، وإن أوترَ بواحِدةٍ ليسَ قبلها شيءٌ، فلا حرجَ. قال: وأحبُّ الوترِ إليَّ: إحْدَى عَشْرةَ ركعةً، يُوتِرُ منها بواحِدةٍ، ويُسلِّمُ في كلِّ ركعتَيْنِ منها، ويفصلُ بين الوترِ وبين ما قبلهُ بسَلام.

قال أبو عُمر: قولُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلاةُ اللَّيل مَثْنَى مَثْنَى" يُوجِبُ أن يجلسَ المُصلِّي في كلِّ ركعتينِ منها ويُسلِّم، لا يجُوزُ غيرُ ذلك، لأنَّهُ لا يجُوزُ أن يُقال: صَلاةُ الظُّهرِ مَثْنَى مَثْنَى، ولا صَلاةُ العصرِ مَثْنَى مَثْنَى.

وقولُهُ: "فإذا خِفتَ الصُّبحَ، أوتَرْتَ بواحِدةٍ، تُوتِرُ به ما صلَّيتَ". يُوجِبُ أن يكونَ الوترُ واحِدةً مُنفرِدةً، وإذا جازتِ الرَّكعةُ بعد صَلاةٍ جازت دُونها؛ لأنَّها مُنْفصِلة بالسَّلام منها. وقد ذَكْرنا من أجازَ ذلك، وفعلَهُ، من الصحابةِ رضي الله عنهُم وسائرِ العُلماءِ.

وأمّا كَراهيةُ مالكٍ وأصحابِهِ للوترِ بركعةٍ ليس قبلَها في شيءٌ، فلقَولهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا الحديث: "تُوتِرُ لهُ ما قد صلَّى". ومن لم يُصلِّ قبلَ الرَّكعةِ شيئًا، فأيُّ شيءٍ تُوتِرُ لهُ، والوترُ عندَهُم إنَّما يكونُ لصلاةٍ تقدَّمتهُ، ألا تَرى إلى قول ابن عُمر (١) رحِمهُ الله: صَلاةُ المَغْرِبِ وتْرُ صَلاةِ النَّهار (٢)؟


= في مسنده ٩/ ٤٤٣، (٤٠٤٢)، والنسائي في المجتبى ٣/ ٨٣، ٢٠٢، وفي الكبرى ٢/ ١٠٧، ١١٤ (١٢٨٩، ١٣٠٠)، وابن خزيمة (٢٢٠٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٣٤٩، وابن حبان ٦/ ٢٨٨ (٢٥٤٧)، وابن الجارود (٤٠٣)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٤٩٤، والبغوي في شرح السنة (٩٩١) من حديث أبي ذر، مطولًا. وانظر: المسند الجامع ١٦/ ١٣٥ - ١٣٦ (١٢٢٩٦).
(١) في الأصل: "عمر"، خطأ.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٨٤ (٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>