للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: والفُرقةُ بينهُما بغيرِ طلاقٍ؛ لأنَّهُما مَغْلُوبانِ على الفسخِ، وليسَ يُراجِعُها في العِدَّةِ إن أسْلَمت، بخِلافِهِ إذا كان هُو المُتقدِّم الإسلام؛ لأنَّ إسلامهُ قَبْلها أشْبَهُ بالمُفارِقِ يَرْتجعُ، والارتِجاعُ إنَّما هُو بالرِّجالِ، لا بالنِّساءِ.

وقال الشّافِعيُّ، والأوزاعِيُّ، واللَّيثُ بن سَعْدٍ، والحسنُ بن حيٍّ: لا فَرْقَ بين المرأةِ والرَّجُل في ذلكَ، وأيُّهُما أسلَمَ قبلُ، ثُمَّ أسْلَمَ صاحِبُهُ في العِدَّةِ، كانا على نِكاحِهِما (١).

وسَواءٌ عندَهُم أهلُ الكِتابِ في ذلك، أو غيرُ أهلِ الكِتابِ.

وكذلك سواءٌ عندَهُم تقدَّم إسلامُ الرَّجُلِ، أو تقدَّم إسلامُ المرأةِ؛ لأنَّ أبا سُفيانَ بن حربٍ وحكِيمَ بن حِزام أسْلَما قبلُ، ثُمَّ أسْلَمتِ امرأتاهُما، فاسْتَقرَّت كلُّ واحِدةٍ منهُما عندَ زوجِها بالنِّكاح الأوَّلِ، إذ أسلَمَتْ في العِدَّةِ (٢).

وأسْلَمتِ امرأةُ صَفْوانَ وامرأةُ عِكْرِمةَ، فاستقرَّتا بالنِّكاح الأوَّلِ، وذلك قبلَ انْقِضاءِ العِدَّةِ (٣).

وهذا يدُلُّ على أنَّ قولَهُ عزَّ وجلَّ: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] في حالٍ دُونَ حالٍ، وذلك التَّمادِي في الإمْساكِ بعد العِدَّةِ على ما بيَّنَتْ وأحكَمَتْ في ذلك السُّنَّةُ.

وقال أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ في الذِّمِّيَّينِ (٤): إذا أسْلَمتِ المرأةُ، عُرِضَ على الزَّوج الإسلامُ، فإن أسلمَ، وإلّا فُرِّقَ بينهُما.


(١) مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٣٣٦.
(٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٢٦٤٩).
(٣) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٢٦٤٦، ١٢٦٤٧).
(٤) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٢٣٥، وهذا المبحث كله منقول منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>