غَزْوةَ تبُوكَ. قال: فتَبرَّزَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قِبلَ الغائطِ، فحملتُ معَهُ إداوةً قبلَ صلاةِ الفجرِ، فلمّا رجَعَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إليَّ، أخذتُ أُهرِقُ على يَدَيهِ من الإداوةِ، فغسَلَ يَدَيهِ ثلاث مرّاتٍ، ثُمَّ تمضمضَ واسْتَنثرَ، ثُمَّ غسَلَ وجههُ، ثُمَّ ذهَبَ يُخرِجُ ذِراعَيْهِ من جُبَّتِهِ، فضاقَ كُمّا جُبَّتِهِ، فأدخَلَ يديهِ في الجُبَّةِ، حتّى أخرجَ ذِراعيهِ من أسفَلِ الجُبَّةِ، فغسَلَ ذِراعيهِ إلى المِرْفقينِ، ثُمَّ توضَّأ على خُفَّيهِ. قال: ثُمَّ أقبلَ، وأقبلتُ معهُ، حتّى نَجِدَهُم قد قدَّمُوا عبد الرَّحمنِ بن عوفٍ يُصلِّي بهِم، فأدرَكَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إحْدَى الرَّكْعتينِ، وصلَّى مع النّاسِ الرَّكعةَ الآخِرةَ، فلمّا سلَّمَ عبدُ الرَّحمنِ بن عَوْفٍ، قامَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُتِمُّ صلاتهُ، وأفزَعَ ذلكَ المُسلِمينَ، فأكثرُوا التَّسبيحَ، فلمّا قَضَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صلاتَهُ، أقبَلَ عليهم، ثُمَّ قال:"أحْسَنتُم" أو قال: "أصَبْتُم". يَغْبِطُهُم أن صلَّوُا الصَّلاةَ لوَقْتِها. قال ابن شِهاب: فحدَّثني إسماعيلُ بن محمدِ بن سعدٍ، عن حمزةَ بن المُغيرةِ، بمِثلِ حديثِ عبّادِ بن زيادٍ، وزاد المُغيرةُ: فأرَدْتُ تأخيرَ عبدِ الرَّحمنِ بن عوفٍ، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْهُ".
وحدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن جعفرِ بن مالكٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن أحمد بن حَنْبل قال: حدَّثني أبي، قال (١): حدَّثنا عبدُ الرَّزّاقِ، عن ابن جُرَيج، قال: حدَّثني ابن شِهاب، عن إسماعيل بن محمدِ بن سعدٍ، عن حمزةَ بن المُغيرةِ، نحو حديثِ عبّادٍ. قال المُغيرةُ: فأردتُ تأخيرَ عبدِ الرَّحمنِ بن عوفٍ، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْهُ".
فهذا حديثُ ابن شِهابِ خاصَّةً، وتمهيدُهُ في المسح على الخُفَّينِ، وأمّا طُرُقُ حديثِ المُغيرةِ على الاستِيعابِ، فلا سبيلَ لنا إليها.
(١) أخرجه في مسنده ٣٠/ ١٣٢ (١٨١٩٥). وأخرجه مسلم (٢٧٤) مكرر، والطبراني في الكبير ٢٠/ ٣٧٦ (٨٨٠) من طريق عبد الرزاق، به.