للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُروةَ غَلَطٌ (١)، ويُشْبِهُ أن يكونَ الغَلَطُ إنَّما وقَع فيه أنَّها لم يُمكِنْها الطوافُ بالبيتِ، وأن تَحِلَّ بعُمْرةٍ كما فعَل مَن لم يَسُقِ الهَدْيَ، فأمَرها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن تَتْرُكَ الطوافَ وتمضِيَ على الحجِّ، فتَوهَّموا بهذا المعنى أنَّها كانت مُعتَمِرةً، وأنَّها تركَت عُمرَتَها وابْتَدأتِ الحجَّ. قال: وكيف يجوزُ (٢) لإنسانٍ أن يَترُكَ عمرتَه أو حجَّه واللهُ يقولُ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦]؟ فأمَر بإتمام ما دُخِل فيه مِن ذلك. قال: فإذا حاضَتِ المعتمِرَةُ، وحضَرَ يومُ عرفةَ وخافَتْ فَوتَ الحجِّ، أدخَلَتِ الحجَّ على العمرةِ، وصارَتْ قارنةً، وكذلك الرجلُ إذا أهَلَّ بالعُمرَةِ ثم خاف فَوتَ عرفةَ، أهلَّ بالحجِّ وأدْخَل الحجَّ على العمرةِ، وصار قارنًا، كما يفعَلُ مَن لا يخافُ فَوتَ عرفةَ سواءً، وعليه الهديُ للقِرانِ.

قال أبو عُمر: وقال أيضًا بعضُ مَن يأْبى رَفْضَ العُمرةِ للحائِضِ مُحتَجًّا لمذهَبِه: قد روَى ابنُ شهابٍ، وهشامُ بنُ عروةَ، عن عروةَ، عن عائشةَ، أنَّها قالت يومئذٍ: كنتُ مُهِلَّةً بعُمْرِةٍ (٣). وهؤلاء حُفَّاظٌ لا يُدْفَعُ حِفْظُهم وإتْقانُهم، وقد صَرَّحُوا عنها بأنَّها كانت مُهلَّةً بعُمْرَةٍ، ووافَقَهم جابِرٌ على ذلك مِن روايَةِ الثِّقاتِ عنه، وذكَر في حديثِه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمرَها أنْ تَغْتَسِلَ وتُهِلَّ بالحجِّ،


(١) ونحو ذلك نقل النَّووي عن القاضي إسماعيل بن إسحاق وغيره، فقال: وقال بعضُهم: يترجّح أنها كانت مُحرمة بحجٍّ؛ لأنها روايةُ عَمرةَ والأسود والقاسم، وغلَّطوا رواية عُروة. وممّن ذهب إلى هذا القاضي إسماعيل، ورجَّحوا رواية غير عروة على روايته؛ لأنّ عروة قال في حديث حمّاد بن زيد عن هاشم عنه: حدَّثني غير واحد. أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "دعي عُمرتكِ"، فقد بان أنّه لم يسمع الحديث منها. ينظر: شرح النووي على مسلم ٨/ ١٣٨. وحديث عروة من طريق حمّاد بن زيد عن هشام بن عروة عنه سيأتي بإسناد المصنّف ص ٢٠٠، فينظر تخريجه هناك.
(٢) في الأصل: "يكون"، والمثبت من بقية النسخ.
(٣) في حديث هذا الباب عن ابن شهاب عن عروة، به. بلفظ: فأهلَلْنا بعُمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>