للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا قد تَأوَّلَه جماعةٌ على التَّمَتُّع، وقالوا: إنَّما أراد عِمرانُ بقولِه: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد جَمَع بينَ حَجٍّ وعُمْرِة، أي: أنَّه جمَع بينَهما في سَفْرةٍ واحدةٍ وحَجَّةٍ واحدةٍ. وقد رُوِي عن عمرانَ ما يَعْضُدُ هذا التأويلَ؛ روَى الحسنُ (١) وأبو رجاءٍ (٢)، عن عمرانَ بنِ حصينٍ قال: نَزلت آيةُ المتعةِ في كتابِ الله، وفعَلْناها مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يَنْزِلْ قرآن يُحرِّمُه، ولم يَنْهَ عنه حتى مات، قال رجلٌ بعدُ برَأيِه ما شاء.

ومنها: روايةُ شُعبةَ، عن الحكم، عن عليٍّ بنِ حسينٍ، عن مروانَ بنِ الحكم، قال: شَهِدتُ عثمانَ وعليًّا بينَ مكةَ والدينةِ، وعثمانُ يَنْهَى أن يُجمَعَ بينَ الحجِّ والعمرةِ، فلمَّا رأى ذلك عليٌّ لبَّى بهما جميعًا، فقال: لبَّيْكَ بحجٍّ وعمرِة معًا. فقال له عثمانُ: ترَاني أنهى عنها وتَفْعَلُها. فقال عليٌّ: لم أكنْ لأدَعَ سُنَّة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (٣). وهذا يَحتَمِلُ أن يكونَ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أباح ذلك، فصار سُنَّة.

قال أبو عُمر: التَّمَتُّع والقِرانُ والإفرادُ، كلُّ ذلك جائزٌ بسُنَّةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد مَضَى القولُ في مَعنَى نَهْي عمرَ عن التَّمَتُّع بما فيه بيانٌ لِمَن فَهِم. ولم يكنْ تَمتُّعٌ


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣٣/ ١٦٥ (١٩٩٤٠)، والبزار في مسنده ٩/ ٢٩ (٣٥٣٦)، والطبراني في الكبير ١٨/ ١٧١ (٣٨٩) من طرقٍ عن حمّاد بن سلمة، عن حُميد بن أبي حُميد الطويل، عن الحسن البصري، به. ورجال إسناده ثقات إلّا أن الحسن البصري لم يسمع من عمران بن حصين رضي الله عنه فيما ذكر أحمد بن حنبل وعليّ بن المديني وأبو حاتم وغيرهم فيما نقله عنهم ابن أبي حاتم في المراسيل، ص ٣٨ - ٣٩، وكما في تحفة التحصيل لأبي زرعة الرازي، ص ٧١ فهو منقطع، ولكن تابع الحسن أبو رجاء عمران بن ملحان العطاردي كما في التعليق التالي.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٣٣/ ١٣٨ - ١٣٩ (١٩٩٠٧)، والبخاري (٤٥١٨)، ومسلم (١٢٢٦) (١٧٣) من طرق عن أبي رجاء العُطاردي، به.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٣٥٣ (١١٣٩)، والبخاري (١٥٦٣)، والنسائي في المجتبى (٢٧٢٣)، وفي الكبرى ٤/ ٤٢ (٣٦٨٩) و (٣٦٩٠) من طرقٍ عن شعبة بن الحجّاج، به. الحكم: هو ابن عُتيبة. وعليّ بن حسين: هو ابن عليّ بن أبي طالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>