للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: مالكٌ أحْسَنُ الناسِ سياقَةً لهذا الحديثِ، عن ابنِ شهابٍ، وفي حديثه معَانٍ قَصَّرَ عنها غيرُه، وكان أثبتَ الناسِ في ابنِ شهابٍ، رحِمهُ الله.

وفي حديثِ مالكٍ هذا (١)، عن ابنِ شهابٍ، عن عروةَ، عن عائشةَ، مِن الفقهِ: أن التَّمَتُّعَ جائزٌ، وأنّ الإفرادَ جائِزٌ، وأنّ القِرَانَ جائِزٌ. وهذا لا خِلافَ فيه مِن (٢) أهلِ العِلم؛ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَضِي كلًّا ولم يُنْكِرْه في حجَّتِه على أحَدٍ مِن أصحابِه، بل أجازَه لهم ورَضِيَه.

واختَلَف العلماءُ في ما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - به مُحرِمًا يومئِذٍ وفي الأفضلِ مِن الثلاثةِ الأوجهِ؛ فقال منهم قائلونَ، منهم مالكٌ: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَئِذٍ مفرِدًا، والإفرادُ أفْضَلُ مِن القِرانِ والتَّمَتُّع. قال: والقِرانُ أفضلُ مِن التَّمَتُّع.

وروَى مالكٌ (٣)، عن عبدِ الرحمن بنِ القاسِم، عن أبيه، عن عائشةَ، وعن محمدِ بنِ عبدِ الرحمن، عن عروةَ، عن عائشةَ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أفْرَد الحجَّ.

واحْتَجَّ أيضًا مَن ذهَب مَذْهَبَ مالكٍ في ذلك بما رَواه ابنُ عيينةَ وغيرُه، عن الزهريِّ، عن عُروةَ، عن عائشة، في هذا الحديثِ، قالت: خَرَجنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مَن أراد أن يُهِلَّ بحَجٍّ فلْيُهِلَّ، ومَن أراد أن يُهِلَّ بحَجٍّ وعمرةٍ فلْيُهِلَّ، ومَن أراد أن يُهِلَّ بعمرةٍ فلْيُهِلَّ". قالت عائشةُ: فأهَلَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالحَجِّ، وأهَلَّ به ناسٌ معه. وذكر الحديثَ (٤).


(١) في م: "وفي حديثه هذا".
(٢) في م: "بين"، والمثبت من الأصل.
(٣) في الموطأ ١/ ٤٥١ (٩٤٣). وهو الحديث الثاني لعبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلامٍ عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٤) سلف تخريجه قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>