للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن القديم والدائم لم يردا في الكتاب والسنة، وإنما الوارد: الأول والآخر، كما قال تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد: ٣]، وفي السنة ـ في دعاء النبي ـ: «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء»، (١) وهذا الحديث يفسر الآية.

فهذان اسمان من أسمائه الحسنى التي سمى الله بها نفسه، وسماه بها رسوله أعلم الخلق به.

وغلب على أهل الكلام إطلاق لفظ (القديم) على الله تعالى فيقولون: هذا يجوز على القديم، وهذا لا يجوز على القديم؛ فجعلوه اسما لله تعالى، وهذا من أغلاطهم، والواجب أن يقولوا: هذا يجوز على الله؛ فالله هو اسم رب العالمين.

لكن القديم والدائم يصح الأخبار بهما عن الله مثل أن تقول: الله موجود، والله شيء، والله له ذات، والله قديم، والله دائم، لكن لا تقل: من أسمائه (قديم) بل من أسمائه (الأول) قال تعالى: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ ففي الدعاء إنما يدعى الله بما سمى به نفسه، أو سماه به رسوله (٢).

قوله: (لا يفنى ولا يبيد) هذه تأكيد لقوله (بلا انتهاء) ومن أجل تحصيل السجع مع ما بعده، والفناء والبيد معناهما واحد قال تعالى: «كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ» [الرحمن: ٢٦]، وقال الكافر صاحب الجنة: «مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا» [الكهف: ٣٥]، (لا يفنى ولا يبيد) سبحانه، وإنما الذي يفنى الخلق.


(١) رواه مسلم (٢٧١٣) من حديث أبي هريرة .
(٢) مجموع الفتاوى ٦/ ١٤٢.

<<  <   >  >>