للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أصل قول هؤلاء المتكلمين الذين احتجوا على حدوث العالم بأن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث لامتناع حوادث لا أول لها ويلزم من ذلك امتناع أن يكون مقدورا للرب فقالوا صار الفعل ممكنا بعد أن لم يكن ممكنا.

ومعلوم عند من يعلم الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة وأئمتها أنه ليس في الكتاب ولا السنة شيء يدل على أن الرب لم يكن الفعل ممكنا له في الأزل أو لم يكن الفعل والكلام ممكنا له في الأزل أو أنه لم يزل معطلا عن الفعل أو عن الفعل والكلام لم يزل معطلا ثم إنه صار قادرا فاعلا متكلما بعد أن لم يكن كذلك.

وقد يجيبون عن هذا بجواب فيه مغلطة فيقولون لم يزل قادرا ولكن المقدور كان ممتنعا في الأزل وهذا تناقض فإن المقدور لا يكون ممتنعا بل لا يكون إلا ممكنا ولأن ذلك يتضمن الانتقال من الامتناع إلى الإمكان بلا حدوث شيء وهو باطل.

والجهم هو أول من أظهر هذا الكلام في الإسلام وطرد قياسه بأن ما كان له ابتداء فلا بد أن يكون له انتهاء وأن الدليل الدال على امتناع ما لا يتناهى لا يفرق بين الماضي والمستقبل فقال بفناء الجنة والنار.

وكان هذا مما أنكره عليه سلف الأمة وأئمتها مع إنكارهم عليه نفي الصفات والقول بخلق القرآن ونفى الرؤية الذي هو لازم قوله بهذه الحجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>