للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا النوع من الكلام دليل مستقل على حدوث كل شيء من العالم من جهة كونه ممكنا مفعولا لغيره لا واجبا بنفسه والأول من جهة كونه ممكنا مستلزما لاقترانه بالحوادث فإذا عرف أنه محتاج إلى مبدعه الواجب بنفسه علم أنه محدث من جهة أن فعل الفاعل لا يكون إلا حادث العين أو النوع ومن جهة أن ما كان مستلزما للحوادث لم يمكن أن يفعله الفاعل دونها وفاعل الحوادث لا يكون موجبا بذاته يلزمه مفعوله وما لم يلزمه مفعوله المعين لا يكون مفعوله قديما فلا يكون شيء من العالم قديما.

ومن تدبر كلام الدهرية القائلين بقدم الأفلاك من المتفلسفة الإلهيين كأرسطو وشيعته وغيرهم لم يجد لهم دليلا أصلا على قدم شيء من العالم لا الأفلاك ولا غيرها ولكن يذكرون ما يدل على دوام فاعليه الفاعل ونحو ذلك.

والذين ناظروا هؤلاء من أهل الجدل والكلام الذي ذمه السلف وعابوه بنوا الأمر على أن الرب لم يزل معطلا عن الكلام والفعل لا يمكنه أن يتكلم ولا أن يفعل ثم صار يمكنه الكلام والفعل بعد أن لم يمكنه من غير تجدد شيء.

وهذا أصل الجهمية والمعتزلة والكرامية وهو أصل الكلابية والأشعرية لكن سلكوا في كلام الله تعالى وصفاته مسلكا انفردوا به دون السلف والأئمة وأهل الحديث ودون المعتزلة كما هو معروف من قولهم.

ولهذا كان فيما أنكره الناس على الكلابية قولهم إن الرب لم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>