للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالذهاب دائمًا إليه والسماع منه، ولكن ذلك لم يحدث؛ لأنه لو حدث لاشتهر١.

٣- ونحن نعلم أنه عليه السلام كان مأمورًا بأكل الطيب من الطعام قال عز ذكره: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} ٢. وربما كان يُهدى إليه، فقد روي أن سلمان، رضي الله عنه أهدى إليه طبقًا من رطب كما وأن بربرة رضي الله عنها كانت تهدي إليه عليه الصلاة والسلام ... كما كان صلى الله عليه وسلم يدعى إلى طعام ... وفي هذا دليل على حجية خبر الواحد؛ لأنه لو لم يكن خبر الواحد حجة للعمل به في حق الله تعالى ما اعتمد عليه فيما يأكله صلى الله عليه وسلم.

٤- وقد أمر الله القاضي أن يقضي بالشهادة، ومعلوم أن احتمال الكذب يبقى بعد شهادة شاهدين.. وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهادات والأيمان مع احتمال هذا الكذب، وأعلن عنه حين قال، صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا بشر مثلكم أقضي بما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فكأنما أقطع له قطعة من النار" ٣ ... هذا مع أنه كان ممكنًا له أن ينتظر الوحي، فيقضي باليقين ويزيل هذا الاحتمال.

ولو ان شرط وجوب العمل باللخبر انتفاء تهمة الكذب عن كل وجه ما وجب على القاضي الحكم بالشهادة مع بقاء هذا الاحتمال؛ إذ النتيجة تكاد تكون واحدة٤.

٥- وقد سمى الله عز وجل خبر الواحد علمًا، قال تعالى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} ٥، وإنما قالوا ذلك سماعًا من مخبر أخبرهم به، وقال جل


١ أصول السرخسي ١/ ٣٢٤، ٣٢٥.
٢ المؤمنون: ٥١.
٣ رواه الشيخان. انظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان: محمد فؤاد عبد الباقي - عيسى البابي الحلبي ٢/ ١٩٢ - ١٩٣.
٤ أصول السرخسي ١/ ٣٢٦.
٥ يوسف: ٨١.

<<  <   >  >>