للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طِيبِ نَفْسِهِ إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ) وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَوْلٌ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ احْتَرَزَ بِالْقَوْلِ عَنْ الْفِعْلِ بِأَنْ أُكْرِهَتْ عَلَى الْإِرْضَاعِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَدَثِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ حُكْمُهُمَا وَكَذَا الْإِكْرَاهُ عَلَى الْقَتْلِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ عَنْ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَإِكْرَاهِ الْحَرْبِيِّ عَلَى الْإِسْلَامِ وَإِكْرَاهِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُتَمَكِّنٌ فِي الْبَيْعِ فِي أَدَائِهِ

* أَمَّا الْأَحْكَامُ فَقَالَ أَصْحَابُنَا الْمُكْرَهُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ كَانَ إكْرَاهُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ بِلَا خِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ صَحَّ وَصُورَةُ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يُمْكِنُهُ بَيْعُهُ فِيهِ فَيَمْتَنِعُ مِنْ بَيْعِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمَالِكِ مِنْ الْوَفَاءِ وَالْبَيْعِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ وَالْأَصْحَابُ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ بَاعَ مَالَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ أَكْرَهَهُ عَلَى بَيْعِهِ وَعَزَّرَهُ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَبِيعَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

قَالَ أَصْحَابُنَا التَّصَرُّفَاتُ الْقَوْلِيَّةُ الَّتِي يُكْرَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ الرِّدَّةُ وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَسَائِرُ الْمُعَامَلَاتِ وَالنِّكَاحُ وَالْخُلْعُ وَالطَّلَاقُ وَالْإِعْتَاقُ وَغَيْرُهَا (وَأَمَّا) مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَهُوَ صَحِيحٌ قَالُوا فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ وَالْحَرْبِيَّ إذَا أُكْرِهَا عَلَى الْإِسْلَامِ صَحَّ إسْلَامُهُمَا لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَكَذَا الْمُكْرَهُ عَلَى الْبَيْعِ بِحَقٍّ يَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا سَبَقَ (وَأَمَّا) الذِّمِّيُّ إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَهُوَ إكْرَاهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ لِأَنَّا شَرَطْنَا فِي الذِّمَّةِ أَنْ نُقِرَّهُ عَلَى دِينِهِ فَإِذَا أُكْرِهَ فَهَلْ يَصِحُّ إسْلَامُهُ فِيهِ طَرِيقَانِ

(أَحَدُهُمَا)

لَا يَصِحُّ وَجْهًا وَاحِدًا وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ المصنف هنا وآخرون (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ في كتاب الطلاق وفى كتاب الكفارات وحكاهما الْغَزَالِيُّ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ لَكِنَّهُ حَكَاهُمَا فِي الْكَفَّارَاتِ قَوْلَيْنِ وَهُوَ شَاذٌّ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لَا يَصِحُّ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْمَصِيرُ إلَى صِحَّتِهِ مَعَ أَنَّ إكْرَاهَهُ غَيْرُ سَائِغٍ وَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي إكْرَاهِ الْحَرْبِيِّ لِكَوْنِهِ إكْرَاهًا بِحَقٍّ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ فِي الذِّمِّيِّ لِأَنَّ إكْرَاهَهُ مَمْنُوعٌ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إذَا أُكْرِهَ

الْحَرْبِيُّ عَلَى الْإِسْلَامِ فَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ تَحْتَ السَّيْفِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ اتَّفَقَتْ الطُّرُقُ عَلَى هَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْغُمُوضِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَتَيْنِ نَازِلَتَانِ فِي الْإِعْرَابِ عَنْ الضَّمِيرِ مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>