وَوَصِيَّتِهِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُمَا أَيْضًا وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ أَذِنَ الْوَلِيُّ أَمْ لَا لِأَنَّ عِبَارَتَهُ مُلْغَاةٌ فَلَا أَثَرَ لاذن الولى كما لو اذن لمجنون أما إذَا فَتَحَ الصَّبِيُّ بَابًا وَأَخْبَرَ بِإِذْنِ أَهْلِ الدَّارِ فِي الدُّخُولِ أَوْ أَوْصَلَ هَدِيَّةً وَأَخْبَرَ عَنْ إهْدَاءِ مُهْدِيهَا فَقَالَ أَصْحَابُنَا إنْ انْضَمَّتْ إلَى ذَلِكَ قَرَائِنُ تُحَصِّلُ الْعِلْمَ بِذَلِكَ جَازَ الدُّخُولُ وَقَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عَمَلٌ بِالْعِلْمِ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ نُظِرَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونِ الْقَوْلِ لَمْ يجر اعْتِمَادُ قَوْلِهِ بِلَا خِلَافٍ وَإِلَّا فَطَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) الْقَطْعُ بِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ وَبِهَذَا قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّنْبِيهِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَآخَرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ لِإِطْبَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَلِحُصُولِ الظَّنِّ بِصِدْقِهِ فِي الْعَادَةِ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) حَكَاهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَآخَرُونَ فِيهِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي قَبُولِ رِوَايَتِهِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
* (فَرْعٌ)
إذَا سَمِعَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ حَدِيثًا فَهَلْ يَصِحُّ تَحَمُّلُهُ وَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (أحدها) لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا لَا قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَا بَعْدَهُ لِضَعْفِ ضَبْطِهِ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَغَيْرُهُ
(وَالثَّانِي)
تَصِحُّ رِوَايَتُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ كَمَا حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَسَائِرِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَجَمَاعَاتٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَاحْتُمِلَ فِيهَا أَشْيَاءُ لَا تُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهَا كَاعْتِمَادِهِ عَلَى خَطِّهِ وَكَوْنِهَا لَا تُرَدُّ بِالتُّهْمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُسَامَحَةِ (وَالثَّالِثُ) أَنَّهَا تُقْبَلُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا تُقْبَلُ قَبْلَهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ وَمَا سِوَاهُ بَاطِلٌ وَمِمَّا يَرُدُّ الْأَوَّلَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى قَبُولِ رِوَايَاتِ صِغَارِ الصَّحَابَةِ مَا تَحَمَّلُوهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرَوَوْهُ بَعْدَهُ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ جَعْفَرٍ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَخَلَائِقَ لَا يُحْصَوْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ
*
(فَرْعٌ)
قَالَ أَصْحَابُنَا كَمَا لَا تَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ تَصَرُّفَاتُهُ الْقَوْلِيَّةُ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ فِي تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ فَلَوْ اتَّهَبَ لَهُ الْوَلِيُّ شَيْئًا وَقَبِلَهُ ثُمَّ قَبَضَهُ الصَّبِيُّ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ الْمِلْكُ فِيهِ بِهَذَا الْقَبْضِ وَلَوْ وُهِبَ لَأَجْنَبِيٍّ وَأَذِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلصَّبِيِّ أَنْ يَقْبِضَهُ لَهُ وَأَذِنَ لَهُ الْوَاهِبُ فِي الْقَبْضِ فَقَبَضَهُ لَمْ يَصِحَّ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ سَلِّمْ حَقِّي إلَى هَذَا الصَّبِيِّ فَسَلَّمَ قَدْرَ حَقِّهِ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute