الشَّمْسُ وَهُوَ سَائِرٌ فِي مِنًى قَبْلَ انْفِصَالِهِ مِنْهَا فَلَهُ الِاسْتِمْرَارُ فِي السَّيْرِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَبِيتُ وَلَا الرَّمْيُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجَمَاهِيرُ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ فِي الْغَدِ وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْحَاوِي
* وَلَوْ غَرَبَتْ وَهُوَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ فَفِي جَوَازِ النَّفْرِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَالرُّويَانِيُّ وآخرون
(أحدهما)
يلزمه الرمى والمبيت (وَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ لَا يَلْزَمُهُ الرَّمْيُ وَلَا الْمَبِيتُ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ حَلَّ الرَّحْلِ وَالْمَتَاعِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ
* وَلَوْ نَفَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَعَادَ لِشُغْلٍ أَوْ زِيَارَةٍ وَنَحْوِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ أَمْ بَعْدَهُ فَوَجْهَانِ (الصَّحِيحُ) وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَبِيتُ فَإِنْ بَاتَ لَمْ يَلْزَمُهُ الرَّمْيُ فِي الْغَدِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (وَالثَّانِي) يَلْزَمُهُ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ وَآخَرُونَ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ
* (فَرْعٌ)
لَوْ نَفَرَ مِنْ مِنًى مُتَعَجِّلًا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَفَارَقَهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ رَمَى يَوْمًا وَبَعْضَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يَذْكُرَ ذلك قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيُدْرِكُ الرَّمْيَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَى مِنًى وَرَمْيُ مَا تَرَكَهُ ثُمَّ يَنْفِرُ مِنْهَا إنْ لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ وَهُوَ بِهَا فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِهَا لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِهَا وَالرَّمْيُ مِنْ الْغَدِ (وَالْحَالُ الثَّانِي) أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى مِنًى لِفَوَاتِ وَقْتِ الرَّمْيِ وَقَدْ اسْتَقَرَّ الدَّمُ فِي ذِمَّتِهِ (الْحَالُ الثَّالِثُ) أَنْ يَذْكُرَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَبْلَ غُرُوبِ الشمس منه (فان قُلْنَا) لِكُلِّ يَوْمٍ حُكْمُ نَفْسِهِ لَمْ يَعُدْ لِلرَّمْيِ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ وَقَدْ
اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الدَّمُ (وان قلنا) أيام التشريق كالشئ الْوَاحِدِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِلرَّمْيِ فَإِنْ تَرَكَهُ لَزِمَهُ الدَّمُ هَذَا نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ
* وَجَمَعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَفَصَّلَهَا أَحْسَنَ تَفْصِيلٍ فَقَالَ: لَوْ نَفَرَ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَرْمِ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ اسْتَقَرَّتْ الْفِدْيَةُ عَلَيْهِ فِي الرَّمْيِ الَّذِي تَرَكَهُ فِي النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَادَ نَظَرَ إنْ عَادَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَدْ فَاتَ الرَّمْيُ وَلَا اسْتِدْرَاكَ وَانْقَضَى أَثَرُهُ مِنْ مِنًى وَلَا حُكْمَ لِمَبِيتِهِ وَإِنْ رَمَى فِي النَّفْرِ الثَّانِي لَمْ يُعْتَدَّ بِرَمْيِهِ لِأَنَّهُ بِنَفْرِهِ أَقْلَعَ عَنْ مِنًى وَالْمَنَاسِكِ فَاسْتَقَرَّتْ الْفِدْيَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ انْقَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَإِنْ عَادَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأَجْمَعُ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبُ إذْ قَالَ حَاصِلُ الْخِلَافِ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ (أَحَدُهَا) أَنَّهُ إذَا نَفَرَ فَقَدْ انْقَطَعَ الرَّمْيُ وَلَا يَنْفَعُهُ الْعَوْدُ (وَالثَّانِي) يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ وَيَرْمِي مَا عَلَيْهِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ فَإِنْ غَرَبَتْ تَعَيَّنَ الدَّمُ (وَالثَّالِثُ) لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَجَعَ وَرَمَى وَسَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ لَا يَرْجِعَ وَيُرِيقَ دَمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute