الْفَسْخِ بِهِمْ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (كَانَتْ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً) رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي ذَرٍّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَرَادَ بِالْمُتْعَةِ فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ وَهِيَ بَيَانُ جَوَازِ الِاعْتِمَارِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ زَالَتْ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لِأَحَدٍ
* وَاحْتَجَّ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا في ذلك برواية محمد بن اسحق عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ يَقُولُ في من حَجَّ ثُمَّ فَسَخَهَا بِعُمْرَةٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إلَّا لِلرَّكْبِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِسْنَادُهُ هَذَا لَا يحتج به لان محمد بن اسحق مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ عَنْ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُدَلِّسَ إذَا قَالَ عَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ (وَأَجَابَ) أَصْحَابُنَا عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسُرَاقَةَ (بَلْ لِلْأَبَدِ) أَنَّ الْمُرَادَ جَوَازُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ دُخُولُ أَفْعَالِهَا فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ وَهُوَ الْقِرَانُ وَحَمَلَهُ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْعُمْرَةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ انْدَرَجَتْ فِي الْحَجِّ فَلَا تَجِبُ وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ دُونَ الْعُمْرَةِ
* (فَرْعٌ)
مَذْهَبُنَا أَنَّ الْمَكِّيَّ لَا يُكْرَهُ لَهُ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ وَإِنْ تَمَتَّعَ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يكره له التمتع والقران وإن تَمَتَّعَ أَوْ قَرَنَ فَعَلَيْهِ دَمٌ
* وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (فَمَنْ تَمَتَّعَ
بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الحرام) فَأَبَاحَ التَّمَتُّعَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خاصه ولان المتمتع شرع له أن لا يلم بأهله وَالْمَكِّيُّ مُلِمٌّ بِأَهْلِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ قَالُوا وَلِأَنَّ الْغَرِيبَ إذَا تَمَتَّعَ لَزِمَهُ دَمٌ وَقُلْتُمْ إذَا تَمَتَّعَ مَكِّيٌّ فَلَا دَمَ وَهَذَا يدل على أن نكسه نَاقِصٌ عَنْ نُسُكِ الْغَرِيبِ فَكُرِهَ لَهُ فِعْلُهُ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ النُّسُكِ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَكِّيِّ كَانَ قُرْبَةً وَطَاعَةً فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ كَالْإِفْرَادِ (وَالْجَوَابُ) عَنْ الْآيَةِ أَنَّ مَعْنَاهَا فَمَنْ تَمَتَّعَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ فَلَا دَمَ فَهَذَا ظَاهِرُ الْآيَةِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ (فَإِنْ قِيلَ) فَقَوْلُهُ تَعَالَى (ذلك لمن لم يكن أهله) ولم يقيل عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ (قُلْنَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute