بِالتَّسَرِّي، وَمَنْ لَا يَحِلُّ بِقَوْلِهِ
(وَمُسْلِمٌ مَلَكَ ذَاتَ كِتَابٍ) أَيْ: كِتَابِيَّةً (قُلْ) لَهُ (يَجُوزُ الْوَطْءُ لَكْ) أَيْ: وَطْؤُهَا. (دُونَ) وَطْءِ. (الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ ذَاتِ الْوَثَنْ) اعْتِبَارًا بِالنِّكَاحِ. (وَحُرَّةٍ وَأَمَةٍ أَنْ يَجْمَعَنْ حُرٌّ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ. (أَوْ) يَجْمَعُ فِيهِ (الْحِلَّ وَغَيْرَ الْحِلِّ) كَأَجْنَبِيَّةٍ وَمَحْرَمٍ أَوْ مُسْلِمَةٍ وَوَثَنِيَّةٍ (يَصِحُّ) النِّكَاحُ. (فِي الْأُولَى) مِنْهُمَا، وَهِيَ الْحُرَّةُ وَالْحِلُّ. (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) دُونَ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ الْأَمَةُ وَغَيْرُ الْحِلِّ، سَوَاءٌ حُرِّمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَمْ حَلَّ كَأَنْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْجِيلِ الْمَهْرِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَمَةَ كَمَا لَا تَدْخُلُ عَلَى الْحُرَّةِ لَا تُقَارِنُهَا، وَلَيْسَ هَذَا كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْحُرَّةِ وَالْحِلِّ أَقْوَى مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَغَيْرِ الْحِلِّ، وَالْأُخْتَانِ لَيْسَ فِيهِمَا أَقْوَى فَبَطَلَ نِكَاحُهُمَا مَعًا، وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الرَّقِيقُ وَالْمُبَعَّضُ فَلَهُمَا نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ أَمَتَيْنِ وَبَيْنَ أَمَةٍ وَحُرَّةٍ مُطْلَقًا، وَالْآيَةُ وَالْخَبَرُ مَحْمُولَانِ عَلَى غَيْرِهِمَا بِالْمَعْنَى، وَقَدْ صَرَّحَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: (وَحُرُّ بَعْضٍ كَالرَّقِيقِ) حَتَّى. (لَوْ جَمَعْ لِحُرَّةٍ وَأَمَةٍ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ أَيْ: لَوْ جَمَعَهُمَا فِي نِكَاحٍ (لَمَا امْتَنَعْ) ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ حَطَّهُ عَنْ الْكَمَالِ
(وَ) أَمَّا (أَمَةُ الْكِتَابِ) أَيْ: الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ (دُونَ) أَمَةِ (مُسْلِمَهْ) مَمْلُوكَةٍ (لِذِي الْكِتَابِ) أَيْ: لِلْكِتَابِيِّ (فَلَنَا مُحَرَّمَهْ) أَيْ: فَنِكَاحُهَا مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُسْلِمِ، سَوَاءٌ الْحُرُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا الْحُرُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] ، وَأَمَّا غَيْرُهُ؛ فَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نِكَاحِهَا كُفْرُهَا فَسَاوَى الْحُرَّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ مِنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَةِ الْكِتَابِيَّةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدِّينِ، أَمَّا الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ الْمَمْلُوكَةُ لِلْكِتَابِيِّ فَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُهَا لِحُصُولِ صِفَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا وَصَرَّحَ بِهَذَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ فِيهِ وَجْهًا بِالْحُرْمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْكِتَابِيِّ بِالْكَافِرِ كَانَ أَعَمَّ
(، وَإِنَّمَا حَلَّتْ) لَنَا (مِنْ الْكُفَّارِ مَنْ) هِيَ (مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) الْمُرَادَيْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
ــ
[حاشية العبادي]
لِلْحُرِّيَّةِ قَالَ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَيْ: مِنْ هَذَا التَّرَدُّدِ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا، فَإِنْ قُلْنَا: يَنْعَقِدُ حُرًّا كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ امْتَنَعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَطْعًا. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ انْعِقَادِهِ حُرًّا أَنَّ الْمُبَعَّضَةَ كَالْحُرَّةِ فَيَجُوزُ نِكَاحُهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ الصَّالِحَةِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَأَمَةٌ وَحُرَّةٌ أَنْ يُجْمَعْنَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ تَزَوَّجَ أَيْ: حُرٌّ أَمَتَيْنِ فِي عَقْدٍ بَطَلَ نِكَاحُهُمَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ اهـ وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَتَيْنِ حُرِّمُوا لِلْحُرِّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ رَضِيَتْ إلَخْ) ضَبَّبَ يْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: حَلَّ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ فِي الْمُبَعَّضِ وَتُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الْمَتْنِ الْآتِيَةُ آنِفًا. (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى) أَيْ: أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى خَصَّصَهُ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ التَّخْصِيصَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء: ٢٥] إذْ لَوْ كَانَ رَقِيقًا لَتَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ أَهْلِهِ أَيْضًا بِرّ
(قَوْلُهُ:، وَإِنْ حَلَّتْ لَنَا) قَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ: لَنَا الْحِلُّ لِلْكِتَابِيِّ مُطْلَقًا وَفِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ مَا نَصُّهُ " وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ تَحْرِيمُهَا أَيْ: الْكَافِرَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ يَهُودِيَّةً وَلَا نَصْرَانِيَّةً عَلَى الْكِتَابِيِّ " أَيْضًا وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَهَلْ تَحْرُمُ الْوَثَنِيَّةُ عَلَى الْوَثَنِيِّ؟ قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي إنْ قُلْنَا؟ إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ حُرِّمَتْ، وَإِلَّا، فَلَا حِلَّ وَلَا حُرْمَةَ فَعَلَى التَّحْرِيمِ يَأْثَمُ بِوَطْئِهَا. اهـ
وَمَا نَقَلَهُ عَنْ السُّبْكِيّ نَازَعَ فِيهِ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَتِهِ فَقَالَ: ظَاهِرُ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَوْلَادِهَا بِوِلَادَتِهَا عَلَى غَيْرِهَا وَتَقْدِيمُ أَمَةِ أَبِيهِ عَلَى أَمَةِ أَجْنَبِيٍّ لِلْحُكْمِ بِعِتْقِهِ عَلَى أَبِيهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ) أَمَّا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي بِأَلْفٍ وَزَوَّجْتُكَ أَمَتِي بِمِائَةٍ فَقَبِلَ الْبِنْتَ ثُمَّ الْأَمَةَ أَوْ قَبِلَ الْبِنْتَ فَقَطْ صَحَّتْ الْبِنْتُ جَزْمًا فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَوْ قَدَّمَتْ الْأَمَةُ فِي تَفْصِيلِهِمَا إيجَابًا وَقَبُولًا صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ، وَكَذَا الْأَمَةُ فِيمَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا إنْ قَبِلَ الْحُرَّةَ بَعْدَ صِحَّةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَلَوْ فَصَلَ الْوَلِيُّ الْإِيجَابَ وَجَمَعَ الزَّوْجُ الْقَبُولَ أَوْ عَكْسُهُ فَكَتَفْصِيلِهِمَا فِي الْأَصَحِّ. اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ وَحَجَرٍ وم ر. (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِيَةِ) ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْحُرَّةُ صَالِحَةً لِلتَّمَتُّعِ لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْ م ر فِي بَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ حُرَّةٍ، وَلَوْ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَمَةٍ بِعَقْدٍ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ هُوَ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى جَمْعِهِمَا فَمَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ لَا وَجْهَ لَهُ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَمَةَ كَمَا لَا تَدْخُلُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ قَاصِرٌ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ سَابِقًا أَمْ حَلَّ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ دُخُولِهَا إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ صَالِحَةً. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَهُمَا نِكَاحُ الْأَمَةِ) إلَّا أَنْ تَكُونَ كِتَابِيَّةً وَهُوَ مُسْلِمٌ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّتْ لَنَا) أَيْ: نِكَاحًا أَوْ تَسَرِّيًا فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ غَيْرِهَا وَلَا التَّسَرِّي بِهَا. اهـ. ق ل عَلَى