قوله {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ}[النساء: ٨] يعني: قسمة المال بين الورثة، أولو القربى: ذوو القرابات الذين يحزنون ولا يرثون، {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}[النساء: ٨] هذا على الندب والاستحباب، يستحب للوارث أن يرضخ لهؤلاء بشيء من التركة بقدر ما تطيب به نفسه من الذهب والورق، ويقول لهم عند قسمة العقار والرقيق، {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا}[النساء: ٨] وهو أن يقول: بورك فيكم.
قال ابن عباس في رواية عطاء، والكلبي: هذه الآية منسوخة بآية المواريث، وإباحة الثلث للميت يجعله حيث يشاء من القرابات واليتامى والمساكين.
قوله:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا}[النساء: ٩] الآية، قال ابن عباس في رواية عطاء: كان الرجل إذا حضرته الوفاة قعد عنده أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا له: انظر لنفسك فإن ولدك لا يغنون عنك من الله شيئًا، فيقدم الرجل ماله، ويحجب ولده.
وهذا قبل أن تكون الوصية في الثلث، فكره الله تعالى ذلك منهم وأنزل:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا}[النساء: ٩] أي: أولاد صغارًا خافوا عليهم: الفقر {فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ}[النساء: ٩] فليخافوا الله إذا قعدوا عند أحد من إخوانهم وهو في الموت، {وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا}[النساء: ٩] عدلا، وهو أن يأمره أن يخلف ماله لولده، ويتصدق بما دون الثلث، وهذا قول سعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، والسدي.
والسديد: العدل والصواب من القول، يقال: سددًا وسدادًا وسديدًا.
قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}[النساء: ١٠] سماه بما يئول إليه في العاقبة، كقوله: أعصر خمرًا ومنه قوله عليه السلام في الشارب من آنية الذهب والفضة: «إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» .