للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج- لا يستقيم في كرم الرحيم الرحمن ضياع أجر أصل الإيمان، وجميع طاعات الرحمن، بمعصية يقع فيها الإنسان، قال شيخ الإسلام – عليه رحمة ذي الجلال والإكرام –: إن الله – جل وعلا –لم يجعل شيئاً يحبط جميع الحسنات إلا الكفر، كما أنه لم يجعل شيئاً يحبط جميع السيئات إلا التوبة والمعتزلة مع الخوارج يجعلون الكبائر محبطة لجميع الحسنات حتى الإيمان (ويرد هذا القول صريح القرآن) قال الله – تبارك وتعالى –: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} البقرة٢١٧، فعلق الحبوط بالموت على الكفر، وقد ثبت أن هذا – فاعل الكبيرة – ليس بكافر، والمعلق بشرط يعدم عند عدمه (١) .

٤- إنفاذ الوعيد: ويقصد المعتزلة بذلك وجوب عقاب الله للعاصين، وتخليدهم في نار الجحيم، فلا تقبل فيهم شفاعة الشافعين، ولا يصح لله أن يغفر لهم في حين من الأحايين (٢) .


(١) - انظر مجموع الفتاوى: (٨/٤٩٢) ، ونحوه في الإحياء: (١/١٢٥) ، وانظر لزاماً حبوط بعض الأعمال لما يقع فيها من شوائب من قبل العمال في الوابل الصيب: (١١-١٤) .
(٢) - انظر إيضاح هذا في مجموع الفتاوى: (١٣/٣٥٨، ٣٨٧) ، وشرح الطحاوية: (٤٧٤) ، والملل والنحل: (١/٥٢) ، والفرق بين الفرق: (١١٨-١١٩) ، وفيه: إن واصلاً وعمراً وافقا الخوارج في تأبيد عقاب صاحب الكبيرة في النار، مع قولهما بأنه موحد، وليس بمشرك ولا كافر، ولهذا قيل للمعتزلة: إنهم مخانيث الخوارج، لأن الخوارج لما رأوا لأهل الذنوب الخلود في النار سموهم كفرة وحاربوهم، والمعتزلة رأت لهم الخلود في النار، ولم تجسر على تسميتهم كفرة، ولا جسرت على قتال أهل فرقة منهم، فضلاً عن قتال جمهور مخالفيهم ١٠هـ.