للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عبد الرحيم – غفر الله له ذنوبه أجمعين –: سبب ضلال القدرية المعتزلة في إرادة الله ومشيئته: هو التسوية بين إرادة الله الشرعية، وإرادته الكونية القدرية، وذلك السبب هو سبب ضلال مقابلهم أيضاً وهم القدرية الجبرية، لكن اختلفت كيفية ضلال الفرقتين، في إرادة رب الكونين، فالقدرية المعتزلة ألغت إرادة الله الكونية، والقدرية الجبرية نفت إرادة الله الشرعية، وسوى كل من الفرقتين بين الإرادتين، فالجبرية ألغت اختيار العبد، ونفت عن المكلف الاختيار، وقالوا: هو كالريشة في مهاب الهواء، وهو مجبور على أفعاله، والقدرية أثبتت للعبد الاختيار والإرادة استقلالاً، وقالوا: لا دخل لمشيئة الله وإرادته في فعله، وليس لله – عز وجل – إلا الأمر والنهي، أما اختيار أحد الأمرين فواقع من قبل العبد واختياره، دون تعلق ذلك بإرادة الله ومشيئته، فالعبد هو الذي يخلق أفعال نفسه ويقدرها: وما يفعله من الكفر والفسوق والعصيان واقع بمشيئته لا بمشيئة الرحمن، وقد وصل الشطط بثمامة بن الأشرس المعتزلي، أنه امتنع عن إطلاق القول بأن الله خلق الكافر، لأن الكافر: كفر، وإنسان، والله لا يخلق الكفر (١) .


(١) - انظر الملل والنحل: (١/١١٠) ، وهلك ثمامة سنة ثلاثة وسبعين ومائة، قال الذهبي في الميزان: (١/٣٧١-٣٧٢) من كبار المعتزلة، ومن رؤوس الضلالة ١٠هـ وفي تاريخ بغداد: (٧/١٤٨) كان رجل في سفينة في البحر، فسمع هاتفاً يهتف، وهو يقول: لا إله إلا الله كذب المريسي على الله، ثم عاد الصوت فقال: لا إله إلا الله على ثمامة لعنة الله، وفي مجموع الفتاوى: (٥/١١٠) كان ثمامة بن أشرس يقول: ثلاثة من الأنبياء مشبهة: موسى وعيسى ومحمد عليهم صلوات الله تعالى وسلامه، وانظر بقية مخازيه في الفرق بين الفرق: (١٧٢-١٧٥) ، والفصل في الملل والأهواء والنحل: (٨/١٤٨-١٤٩) ولسان الميزان: (٢/٨٣-٨٤) .