للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ عَلَى جَرْحٍ وَلَا يَحْكُمُ بِذَلِكَ) لِأَنَّ الْفِسْقَ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ لِأَنَّ لَهُ الدَّفْعَ بِالتَّوْبَةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِلْزَامُ، وَلِأَنَّهُ هَتْكُ السِّرِّ وَالسَّتْرُ وَاجِبٌ وَالْإِشَاعَةُ حَرَامٌ، وَإِنَّمَا يُرَخَّصُ ضَرُورَةَ إحْيَاءِ الْحُقُوقِ

عِنْدَ الْقَاضِي وَالْوَكَالَةُ بِكُلِّ حَقٍّ قِبَلَ فُلَانٍ فَعَزَلَهُ فَشَهِدَ لِمُوَكِّلِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ، إنْ كَانَ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي قُبِلَتْ، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهُ فَاحْتَاجَ إلَى إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْإِشْهَادِ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمَّا اتَّصَلَ بِهَا الْقَضَاءُ صَارَ الْوَكِيلُ خَصْمًا فِي جَمِيعِ مَا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ فَشَهَادَتُهُ شَهَادَةُ الْخَصْمِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْقَاضِي عَلِمَ بِالْوَكَالَةِ وَعِلْمُهُ لَيْسَ قَضَاءً فَلَا يَصِيرُ خَصْمًا فَتُقْبَلُ فِي غَيْرِ مَا صَارَ فِيهِ خَصْمًا، هَذَا كُلُّهُ فِي الْوَكَالَةِ الْخَاصَّةِ وَهِيَ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَالطَّلَبِ لِمَ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ. وَحُكْمُهَا أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ الْحَادِثَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ، أَمَّا الْعَامَّةُ وَهِيَ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ جَمِيعِ النَّاسِ أَوْ أَهْلِ مِصْرٍ فَيَتَنَاوَلُ الْحَادِثَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ وَفِيهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُوَكِّلِهِ بِشَيْءٍ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْعَزْلِ إلَّا عَلَى مَا وَجَبَ بَعْدَ الْعَزْلِ.

شَهِدَ ابْنَا الْمُوَكِّلِ أَنَّ أَبَاهُمَا وَكَّلَ هَذَا بِقَبْضِ دُيُونِهِ لَا تُقْبَلُ إذَا جَحَدَ الْمَطْلُوبُ الْوَكَالَةَ وَكَذَا فِي الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَشَهَادَةُ ابْنَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الْوَكَالَةِ لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا شَهَادَةُ أَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ وَأَحْفَادِهِ.

وَشَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ الْقَاضِي عَنْ الْوِصَايَةِ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ بَعْدَمَا أَدْرَكَتْ الْوَرَثَةُ سَوَاءٌ خَاصَمَ فِيهِ أَوْ لَا،

وَلَوْ شَهِدَ لِكَبِيرٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ تُقْبَلُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ لِكَبِيرٍ وَصَغِيرٍ مَعًا فِي غَيْرِ الْمِيرَاثِ لَا تُقْبَلُ.

وَلَوْ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ دَارٌ أَوْ غَيْرِهَا لِوَارِثٍ بَالِغٍ تُقْبَلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ عَلَى جَرْحٍ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ) قِيلَ قَوْلُهُ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ تَكْرَارٌ. أُجِيبَ بِجَوَازِ أَنْ لَا يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ وَيَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ السَّمَاعِ عَدَمُ الْحُكْمِ عَلَى نَفْيِ الْأَمْرَيْنِ، وَالْمُرَادُ الْجَرْحُ الْمُجَرَّدُ عَنْ حَقِّ الشَّرْعِ أَوْ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ مُتَضَمِّنًا أَحَدَهُمَا سُمِعَتْ الشَّهَادَةُ وَحُكِمَ بِهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ الشُّهُودَ فَسَقَةٌ أَوْ زُنَاةٌ أَوْ أَكَلَةُ الرِّبَا أَوْ شَرَبَةُ الْخَمْرِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالزُّورِ أَوْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ أُجَرَاءُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، أَوْ إقْرَارُهُمْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>