للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ. .

(قَالَ: وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَوَجَدَ بِبَعْضِهِ عَيْبًا رَدَّهُ كُلَّهُ أَوْ أَخَذَهُ كُلَّهُ) وَمُرَادُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمَكِيلَ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَهُوَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ؛ أَلَا يُرَى أَنَّهُ يُسَمَّى بِاسْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْكُرُّ وَنَحْوُهُ. وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدَيْنِ حَتَّى يَرُدَّ الْوِعَاءَ الَّذِي وَجَدَ فِيهِ الْعَيْبَ دُونَ الْآخَرِ

بِدَلِيلِ أَنَّهُ (لَوْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا) بَعْدَ الْقَبْضِ (لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ) بَلْ يَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى الْبَائِعِ مَعَ أَنَّهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَالضَّرَرُ الَّذِي لَزِمَ الْبَائِعَ جَاءَ مِنْ تَدْلِيسِهِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبَائِعَ عَالِمٌ بِحَالِ الْمَبِيعِ وَصَارَ كَمَا لَوْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي أَحَدِهِمَا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ هَذَا فِيمَا يُمْكِنُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فِي الِانْتِفَاعِ كَالْعَبْدَيْنِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَادَةِ كَنَعْلَيْنِ أَوْ خُفَّيْنِ أَوْ مِصْرَاعَيْ بَابٍ فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا، فَإِنَّهُ يَرُدُّهُمَا أَوْ يُمْسِكُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْمَعْنَى وَالْمَنْفَعَةِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمَعْنَى، وَفِي الْإِيضَاحِ وَالْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ: وَلِهَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَيْ ثَوْرٍ وَقَبَضَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا وَقَدْ أَلِفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِحَيْثُ لَا يَعْمَلُ دُونَهُ لَا يَمْلِكُ رَدَّ الْمَعِيبِ خَاصَّةً،.

(قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ) كَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ (أَوْ يُوزَنُ) كَالسَّمْنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (فَوَجَدَ بِبَعْضِهِ عَيْبًا رَدَّهُ كُلَّهُ أَوْ أَخَذَهُ كُلَّهُ، وَمُرَادُهُ) إذَا كَانَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْعَيْبِ (بَعْدَ الْقَبْضِ) أَمَّا لَوْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَغَيْرِهِمَا كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ الْكُلَّ أَوْ يَحْبِسُ الْكُلَّ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ رَدُّ الْمَعِيبِ خَاصَّةً فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ دُونَهُمَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا بَعْدَ الْقَبْضِ يَرُدُّ الْكُلَّ (لِأَنَّ الْمَكِيلَ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ) كَالْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ (فَهُوَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ) فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ وَالتَّقَوُّمَ لَا يَتَحَقَّقُ بِآحَادِ حَبَّاتِ الْقَمْحِ مُنْفَرِدَةً بَلْ مُجْتَمِعَةً فَكَانَتْ الْآحَادُ الْمُتَعَدِّدَةُ مِنْهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ ثَوْبٌ أَوْ بِسَاطٌ وَنَحْوُهُ (أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُسَمَّى) الْمُتَعَدِّدُ مِنْهُ الْمُجْتَمِعُ (بِاسْمٍ وَاحِدٍ كَالْكُرِّ) وَالْوَسْقِ وَالصُّبْرَةِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَدِّ الْبَعْضِ خَاصَّةً كَمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَدِّ بَعْضِ الثَّوْبِ، بِخِلَافِ الثَّوْبَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ فَإِنَّهُ بَعْدَ قَبْضِهِمَا يَرُدُّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُمَا شَيْئَانِ حَقِيقَةً وَتَقَوُّمًا وَانْتِفَاعًا لَا يُوجِبُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ عَيْبًا حَادِثًا فِيهِ (قِيلَ هَذَا) يَعْنِي كَوْنَهُ يَرُدُّ الْكُلَّ (إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ) أَمَّا (لَوْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ) كَمَا إذَا اشْتَرَى عِدْلَيْ حِنْطَةٍ صَفْقَةً فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَإِنَّهُ يَرُدُّ ذَلِكَ الْعِدْلَ خَاصَّةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>