للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ: وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَادَّعَى إبَاقًا لَمْ يُحَلَّفْ الْبَائِعُ حَتَّى يُقِيمَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ) وَالْمُرَادُ التَّحْلِيفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ وَإِنْ كَانَ قَوْلَهُ وَلَكِنَّ إنْكَارَهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ قِيَامِ الْعَيْبِ بِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي

عَلَى الْعَيْبِ وَيَرُدَّ الْمَبِيعَ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: شُهُودِي حُضُورٌ فَإِنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي، وَلَا ضَرَرَ فِي هَذَا الْقَدْرِ عَلَى الْبَائِعِ فَيُمْهَلُ، وَلَوْ قَالَ أُحْضِرُ بَيِّنَتِي إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أُجِّلَهَا، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَنْفُذُ فِيهِ الْقَضَاءُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ، وَلَمْ يَتَنَاكَرَا الْعَقْدَ بَلْ حَقِيقَةُ الدَّعْوَى هُنَا دَعْوَى مَالٍ عَلَى تَقْدِيرٍ، فَالْقَضَاءُ هُنَا بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَى غَايَةِ حُضُورِ الشُّهُودِ بِالْمُسْقِطِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي قَبُولِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ فِي مِثْلِهِ: أَعْنِي مَا إذَا قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ أَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ تُقْبَلُ.

وَأَمَّا إذَا قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي فَحَلَفَ خَصْمُهُ ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ، فِي أَدَبِ الْقَاضِي تُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تُقْبَلُ، وَلَا يُحْفَظُ فِي هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تُقْبَلُ، وَفِي جَمْعِ النَّسَفِيِّ فِي قَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا رِوَايَتَانِ: نَعَمْ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ يُخَالِفُ مَا فِي رَوْضَةِ الْقُضَاةِ إذَا قَالَ بَيِّنَتِي غَائِبَةٌ لَمْ يُحَلَّفْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُحَلَّفُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ فَأَحْلَفَهُ ثُمَّ أَتَى بِهَا لَا يُحَلَّفُ فِي قَوْلِهِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُهُ (أَمَّا إذَا نَكَلَ أُلْزِمَ الْعَيْبَ؛ لِأَنَّهُ) يَعْنِي النُّكُولَ (حُجَّةٌ فِيهِ) أَيْ فِي ثُبُوتِ الْعَيْبِ؛ وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ لَيْسَ حُجَّةً فِي كُلِّ شَيْءٍ إذْ لَيْسَ حُجَّةً فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَادَّعَى) الْمُشْتَرِي (إبَاقًا) عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْبَائِعِ فَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ عَلَى عَدَمِ الْإِبَاقِ عِنْدَهُ (لَا يَحْلِفُ حَتَّى يُقِيمَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَثْبُتُ الْعَيْبُ فَتَصِحُّ الْخُصُومَةُ فِيهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَ ذَلِكَ (لِأَنَّ الْقَوْلَ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ الْبَائِعِ لَكِنْ لَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ وَلَا يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ (إلَّا بَعْدَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>