للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا؛ لِأَنَّ تَقَوُّمَهُ بِالْعَقْدِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِذَا لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهُ بِالْعَقْدِ لَمْ يَظْهَرْ تَقَوُّمُهُ فَيَبْقَى الْحُكْمُ لِلْأَصْلِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ.

(فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ فَقَبَضَتْهَا وَوَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةٍ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ

«أَنَّهُ تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا». قُلْنَا: نَصُّ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى يُعَيِّنُ الْمَالَ فَإِنَّهُ بَعْدَ عَدِّ الْمُحَرَّمَاتِ أَحَلَّ مَا وَرَاءَهُنَّ مُقَيَّدًا بِالِابْتِغَاءِ بِالْمَالِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ﴾ الْآيَةَ، وَقَوْلُ الرَّاوِي ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْمَهْرِ: يَعْنِي أَنَّهُ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَ الْعِتْقِ وَالتَّزَوُّجِ بِلَا مَهْرٍ جَائِزًا لِلنَّبِيِّ دُونَ غَيْرِهِ. وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُحْتَمِلٌ لَفْظَ الرَّاوِي فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلْمُعَارَضَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِ، وَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ أَلْزَمْنَاهَا بِقِيمَتِهَا، وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ فَأَعْتَقَهَا عَلَى ذَلِكَ فَأَبَتْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّ رِقَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ عِنْدَهُ.

وَلَوْ قَالَتْ لِعَبْدِهَا أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجنِي بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا فَقَبِلَ عَتَقَ فَإِنْ أَبَى تَزَوُّجَهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ قَسَمَ الْأَلْفَ عَلَى قِيمَةِ نَفْسِهِ وَعَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا، فَمَا أَصَابَ الرَّقَبَةَ فَهُوَ قِيمَتُهُ، وَمَا أَصَابَ الْمَهْرَ فَمَهْرُهَا، وَيَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ

(قَوْلُهُ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ) حَاصِلُ وُجُوهِهَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مُسَمًّى، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>