للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلَمَّا سَمِعَهَا) أَيْ هَذِهِ الْآيَةَ

(قَالَ سَمْعٌ لِرَبِّي وَطَاعَةٌ) أَيْ عَلَيَّ سَمْعٌ لِرَبِّي وَطَاعَةٌ

(ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ أُزَوِّجُكَ وَأُكْرِمُكَ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ فَكَفَّرْتَ عَنْ يَمِينِي فَأَنْكَحْتهَا إِيَّاهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وأبو داود والنسائي وبن ماجه وبن جَرِيرٍ (وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ) إِلَى قَوْلِهِ (فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ إِلَى الْأَوْلِيَاءِ فِي التَّزْوِيجِ مَعَ رِضَاهُنَّ) قَالَ بن جَرِيرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مِنَ الْعَصَبَةِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ الْوَلِيَّ مِنْ عَضْلِ الْمَرْأَةِ إِنْ أَرَادَتِ النِّكَاحَ وَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ

فَلَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ إِنْكَاحُ نَفْسِهَا بِغَيْرِ إِنْكَاحِ وَلِيِّهَا إِيَّاهَا أَوْ كَانَ لَهَا تَوْلِيَةُ مَنْ أَرَادَتْ تَوْلِيَتَهُ فِي إِنْكَاحِهَا لَمْ يَكُنْ لِنَهْيِ وَلِيِّهَا عَنْ عَضْلِهَا مَعْنًى مَفْهُومٌ إِذْ كَانَ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى عَضْلِهَا وَذَلِكَ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَتَى أَرَادَتِ النِّكَاحَ جَازَ لَهَا إِنْكَاحُ نَفْسِهَا أَوْ إِنْكَاحُ مَنْ تُوَكِّلُهُ إِنْكَاحَهَا فَلَا عَضْلَ هُنَالِكَ لَهَا مِنْ أَحَدٍ فَيَنْهَى عَاضِلَهَا عَنْ عَضْلِهَا وَفِي فَسَادِ الْقَوْلِ بِأَنَّ لَا مَعْنَى لِنَهْيِ اللَّهِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ صِحَّةُ الْقَوْلِ بِأَنَّ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ فِي تَزْوِيجِهَا حَقًّا لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ إِلَّا بِهِ انْتَهَى

قُلْتُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ فِي (لَا تَعْضُلُوهُنَّ) لِلْأَوْلِيَاءِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَفَكُّكُ نَظْمِ كَلَامِ اللَّهِ لَوْ قِيلَ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ أَيُّهَا الْأَزْوَاجُ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَيُّهَا الْأَوْلِيَاءُ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ نِسْبَةٌ

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخِطَابَ فِي لَا تَعْضُلُوهُنَّ

وَكَذَا فِي قَوْلِهِ (وَإِذَا طَلَّقْتُمْ) لِلنَّاسِ أَيْ وَإِذَا وَقَعَ بَيْنَكُمُ الطَّلَاقُ فَلَا يُوجَدُ فِيمَا بَيْنَكُمُ الْعَضْلُ لِأَنَّهُ إِذَا وُجِدَ بَيْنَهُمُ الْعَضْلُ مِنْ جِهَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَهُمْ رَاضُونَ كَانُوا فِي حُكْمِ الْعَاضِلِينَ

وَتَمَسَّكَ الْحَنَفِيَّةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ جَائِزٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ النِّكَاحَ إِلَيْهَا إِضَافَةَ الْفِعْلِ إِلَى فَاعِلِهِ وَالتَّصَرُّفَ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>