للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَجًّا مَبْرُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ. وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا أَهْلِ مَكَّةَ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «إِنَّ اللَّهَ، وَكَّلَ بِالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ لِمَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ قَالُوا آمِينَ» (وَفِي سَائِرِ الطَّوَافِ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوُزْ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ» ؛ لِأَنَّهُ لَائِقٌ بِالْمَحَلِّ فَاسْتُحِبَّ ذِكْرُهُ كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ اللَّائِقَةِ بِمِحَالِّهَا الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، وَفِي " الْفُرُوعِ ": «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاهْدِنِي السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ» وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّهُ يَقُولُهُ فِي سَعْيِهِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ خِلَافًا " لِلْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ وَفِيهِ يَقِفُ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ، عِنْدَ الْمِيزَابِ وَالْمُلْتَزَمِ وَكُلِّ رُكْنٍ (وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ) مِنَ الْحَوَائِجِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ يُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: رَبِّ قِنِي شُحَّ نَفْسِي. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ؛ لِتَغْلِيطِهِ الْمُصَلِّينَ، وَالْمَذْهَبُ لَهُ الْقِرَاءَةُ، فَيُسْتَحَبُّ، قَالَهُ الْآجُرِّيُّ، وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَاسْتَحَبَّهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِلَا جَهْرٍ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: لِأَنَّهُ صَلَاةٌ، وَفِيهَا قِرَاءَةٌ وَدُعَاءٌ، فَيَجِبُ كَوْنُهَا مِثْلَهَا.

(وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ، وَلَا أَهْلِ مَكَّةَ) وَلَا حَامِلٍ مَعْذُورٍ، نَصَّ عَلَيْهِ (رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا فِي النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شُرِعَ لِإِظْهَارِ الْجَلَدِ، وَلَيْسَ مَطْلُوبًا مِنْهُنَّ، بَلْ إِنَّمَا يُقْصَدُ فِيهِنَّ السَّتْرَ، وَكَذَا أَهْلُ مَكَّةَ لَا رَمَلَ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ إِظْهَارَ الْجَلَدِ مَعْدُومٌ فِي حَقِّهِمْ، وَحُكْمُ مَنْ أَحْرَمَ مِنْهَا حُكْمُ أَهْلِهَا، وَلَوْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، وَلَوْ عَبَّرَ بُقُولِهِ: وَلَا مُحْرِمَ فِي مَكَّةَ لَعَمَّ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يُشْرَعُ لَهُ الرَّمَلُ لَا يُشْرَعُ لَهُ الِاضْطِبَاعُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>