للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ نَزَعَهُ لَيْلًا وَأَعَادَهُ نَهَارًا وَلَوْ جَمِيعَ مَا يَلْبَسُ (مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى التَّرْكِ) لِلُبْسِهِ (عِنْدَ النَّزْعِ، فَإِنْ عَزَمَ عَلَيْهِ) أَيْ التَّرْكِ (ثُمَّ لَبِسَ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ أَوْ لَا، وَكَذَا) يَتَعَدَّدُ دَمًا لِلُبْسِهِ (ثُمَّ دَامَ عَلَى الْجَزَاءِ لَوْ لَبِسَ يَوْمًا فَأَرَاقَ لُبْسَهُ يَوْمًا آخَرَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ) أَيْضًا لِأَنَّهُ مَحْظُورٌ فَكَانَ لِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ، وَدَوَامُ اللُّبْسِ بَعْدَمَا أَحْرَمَ وَهُوَ لَابِسُهُ كَإِنْشَائِهِ بَعْدَهُ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا، وَلَوْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اللُّبْسِ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ، وَلَوْ اُضْطُرَّ إلَى قَمِيصٍ فَلَبِسَ قَمِيصَيْنِ أَوْ إلَى قَلَنْسُوَةٍ فَلَبِسَهَا مَعَ عِمَامَتِهِ لَزِمَهُ دَمٌ وَأَثِمَ؛

ــ

[رد المحتار]

أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ أَنَّ الِارْتِفَاقَ الْكَامِلَ الْمُوجِبَ لِلدَّمِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِلُبْسِ يَوْمٍ كَامِلٍ أَنْ تَلْزَمَهُ صَدَقَةٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّقْدِيرَ بِالْيَوْمِ بِاعْتِبَارِ كَمَالِ الِارْتِفَاقِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا طَالَ زَمَنُ الْإِحْرَامِ، أَمَّا إذَا قَصُرَ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَقَدْ حَصَلَ كَمَالُ الِارْتِفَاقِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الدَّمِ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَا بُدَّ مِنْ نَقْلٍ صَرِيحٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَزَعَهُ لَيْلًا وَأَعَادَهُ نَهَارًا) وَمِثْلُهُ الْعَكْسُ كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَلَوْ جَمِيعَ مَا يَلْبَسُ) مُبَالَغَةً عَلَى قَوْلِهِ أَوْ لَبِسَ مَخِيطًا: أَيْ لَوْ جَمَعَ اللِّبَاسَ مِنْ قَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَعِمَامَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَسَرَاوِيلَ وَخُفٍّ وَلَبِسَ يَوْمًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ إنْ اتَّحَدَ السَّبَبُ كَمَا فِي اللُّبَابِ أَيْ إنْ كَانَ لَبِسَ الْكُلَّ لِضَرُورَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا، فَلَوْ اُضْطُرَّ لِلْبَعْضِ تَعَدَّدَ الدَّمُ كَمَا يَأْتِي، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ لُبْسُ الْكُلِّ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ خِلَافًا لِمَا قَيَّدَهُ بِهِ الْقَارِي. بَلْ يَكْفِي جَمْعُهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي اللُّبَابِ وَيَتَّحِدُ الْجَزَاءُ مَعَ تَعَدُّدِ اللُّبْسِ بِأُمُورٍ مِنْهَا اتِّحَادُ السَّبَبِ، وَعَدَمُ الْعَزْمِ عَلَى التَّرْكِ عِنْدَ النَّزْعِ، وَجَمْعُ اللِّبَاسِ كُلِّهِ فِي مَجْلِسٍ أَوْ يَوْمٍ اهـ أَيْ مَعَ اتِّحَادِ السَّبَبِ كَمَا عَلِمْت؛ أَمَّا لَوْ لَبِسَ الْبَعْضَ فِي يَوْمٍ وَالْبَعْضَ فِي يَوْمٍ آخَرَ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ وَإِنْ اتَّحَدَ السَّبَبُ.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى التَّرْكِ) فَإِنْ نَزَعَهُ عَلَى قَصْدِ أَنْ يَلْبَسَهُ ثَانِيًا أَوْ لِيَلْبَسَ بَدَلَهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لِتَدَاخُلِ لُبْسِهِ وَجَعْلِهِمَا لُبْسًا وَاحِدًا حُكْمًا شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ كَإِنْشَائِهِ بَعْدَهُ) أَيْ فِي وُجُوبِ الدَّمِ إنْ دَامَ يَوْمًا أَوْ لَيْلَةً، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى صِحَّةِ إحْرَامِهِ وَهُوَ لَابِسٌ بِلَا عُذْرٍ خِلَافًا لِمَا يَعْتَقِدُهُ الْعَوَامُّ لِأَنَّ التَّجَرُّدَ عَنْ الْمَخِيطِ مِنْ وَاجِبَاتِ الْإِحْرَامِ لَا مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اللُّبْسِ) كَمَا إذَا كَانَ بِهِ حُمَّى فَاحْتَاجَ إلَى اللُّبْسِ لَهَا فَزَالَتْ وَأَصَابَهُ مَرَضٌ آخَرُ أَوْ حُمَّى غَيْرُهَا وَلَبِسَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ أَوَّلًا، وَإِذَا حَصَرَهُ الْعَدُوُّ فَاحْتَاجَ إلَى اللُّبْسِ لِلْقِتَالِ أَيَّامًا يَلْبَسُهَا إذَا خَرَجَ وَيَنْزِعُهَا إذَا رَجَعَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ هَذَا الْعَدُوُّ، فَإِنْ ذَهَبَ وَجَاءَ عَدُوٌّ غَيْرُهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْحَلَبِيُّ أَنَّهُ إذَا لَبِسَ لِدَفْعِ بَرْدٍ ثُمَّ صَارَ يَنْزِعُ وَيَلْبَسُ لِذَلِكَ ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ الْبَرْدُ وَأَصَابَهُ بَرْدٌ آخَرُ فَلَيْسَ لِذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ اُضْطُرَّ إلَخْ) تَخْصِيصٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ تَعَدُّدِ الْجَزَاءِ بِتَعَدُّدِ السَّبَبِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ لَا تُعْتَبَرُ جِنَايَةً مُبْتَدَأَةً. وَفِي اللُّبَابِ: فَإِنْ تَعَدَّدَ السَّبَبُ كَمَا إذَا اُضْطُرَّ إلَى لُبْسِ ثَوْبٍ فَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ فَإِنْ لَبِسَهُمَا عَلَى مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ نَحْوَ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى قَمِيصٍ فَلَبِسَ قَمِيصَيْنِ أَوْ قَمِيصًا وَجُبَّةً أَوْ يَحْتَاجَ إلَى قَلَنْسُوَةٍ فَلَبِسَهَا مَعَ الْعِمَامَةِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ يَتَخَيَّرُ فِيهَا.

قَالَ شَارِحُهُ: وَكَذَا إذَا لَبِسَهُمَا عَلَى مَوْضِعَيْنِ لِضَرُورَةٍ بِهِمَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ لَبِسَ عِمَامَةً وَخُفًّا بِعُذْرٍ فِيهِمَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ وَإِنْ لَبِسَهُمَا عَلَى مَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ وَغَيْرِ الضَّرُورَةِ؛ كَمَا إذَا اُضْطُرَّ إلَى لُبْسِ الْعِمَامَةِ فَلَبِسَهَا مَعَ الْقَمِيصِ مَثَلًا، أَوْ لَبِسَ قَمِيصًا لِلضَّرُورَةِ وَخُفَّيْنِ لِغَيْرِهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ: كَفَّارَةُ الضَّرُورَةِ يَتَخَيَّرُ فِيهَا، وَكَفَّارَةُ الِاخْتِيَارِ لَا يَتَخَيَّرُ فِيهَا. اهـ. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ دَمٌ وَأَثِمَ) لُزُومُ الدَّمِ بِأَحَدِهِمَا وَالْإِثْمُ بِالْآخَرِ، وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ الْمُخَيَّرَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ بِعُذْرٍ لَا يَتَعَيَّنُ الدَّمُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلُزُومُ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ فِي لُبْسِ الْعِمَامَةِ مَعَ الْقَلَنْسُوَةِ كَمَا فِي الْقَمِيصَيْنِ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ عَنْ اللُّبَابِ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْمِعْرَاجِ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا نُبِّهَ عَلَيْهِ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ لُزُومِ الْإِثْمِ نُبِّهَ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>