وَنَقَلَ أَبُو النَّضْرِ: الشُّهُودُ قَذَفَةٌ. وَقَدْ أَحْرَزُوا ظُهُورَهُمْ. . وَإِنْ شَهِدُوا عَلَيْهَا، فَثَبَتَ أَنَّهَا عَذْرَاءُ: لَمْ تُحَدَّ هِيَ، وَلَا هُمْ، وَلَا الرَّجُلُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: تَزُولُ حَصَانَتُهَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ. وَأَطْلَقَ ابْنُ رَزِينٍ فِي مَجْبُوبٍ وَنَحْوِهِ: قَوْلَيْنِ، بِخِلَافِ الْعَذْرَاءِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي بَيْتٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ يَوْمٍ، وَشَهِدَ اثْنَانِ: أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي بَيْتٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ يَوْمٍ آخَرَ: فَهُمْ قَذَفَةٌ وَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ) هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: حُدُّوا لِلْقَذْفِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لَا يُحَدُّونَ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الْمَجْدُ: وَنَقَلَ مُهَنَّا عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الرِّوَايَةَ الَّتِي اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَاسْتَبْعَدَهَا الْقَاضِي، ثُمَّ تَأَوَّلَهَا تَأْوِيلًا حَسَنًا. فَقَالَ: هَذَا مَحْمُولٌ عِنْدِي عَلَى أَنَّ الْأَرْبَعَةَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُمْ شَاهَدُوا زِنَاهُ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ، وَلَمْ يُشَاهِدُوا غَيْرَهَا. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ. فَهَذَا لَا يَقْدَحُ فِي أَصْلِ الشَّهَادَةِ بِالْفِعْلِ. وَيَكُونُ حَصَلَ فِي التَّأْوِيلِ سَهْوٌ أَوْ غَلَطٌ فِي الصِّفَةِ. وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَمْنَعُهُ. لَكِنْ فِي كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ مَا يَمْنَعُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute