تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَفَرَائِضُهُ أَرْبَعَةٌ: مَسْحُ جَمِيعِ وَجْهِهِ) أَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُ مَا تَحْتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: مَحَلُّ التَّيَمُّمِ جَمِيعُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْوَجْهِ، مَا خَلَا الْأَنْفَ وَالْفَمَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ مَسْحُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَمْسَحُ مَا أَمْكَنَ مَسْحُهُ مِنْ ظَاهِرِ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ. قِيلَ. وَمَا نَزَلَ عَنْ ذَقَنِهِ. وَالثَّانِي: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " مَسْحُ جَمِيعِ وَجْهِهِ " سِوَى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ قَطْعًا، بَلْ يُكْرَهُ. قَوْلُهُ (وَالتَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ حُكْمَ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ هُنَا: حُكْمُهُمَا فِي الْوُضُوءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: هُمَا هُنَا سُنَّةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: هُمَا فِي الْوُضُوءِ فَرْضَانِ. وَقِيلَ: التَّرْتِيبُ هُنَا سُنَّةٌ فَقَطْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. لِأَنَّهُ ذَكَرَ التَّرْتِيبَ فِي الْوُضُوءِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا.
قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي: أَنَّ التَّرْتِيبَ لَا يَجِبُ فِي التَّيَمُّمِ، وَإِنْ وَجَبَ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ بُطُونَ الْأَصَابِعِ لَا يَجِبُ مَسْحُهَا بَعْدَ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ بِالضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ، بَلْ يُعْتَدُّ بِمَسْحِهَا مَعَهُ. وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ أَوْلَى. قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: إنْ تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ وَجَبَ التَّرْتِيبُ، وَإِنْ تَيَمَّمَ بِضَرْبَةٍ لَمْ يَجِبْ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: رَأَيْت التَّيَمُّمَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ أَسْقَطَ تَرْتِيبًا مُسْتَحَقًّا فِي الْوُضُوءِ وَهُوَ أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِمَسْحِ بَاطِنِ يَدَيْهِ قَبْلَ مَسْحِ وَجْهِهِ. فَائِدَةٌ: قَدْرُ الْمُوَالَاةِ هُنَا: بِقَدْرِهَا زَمَنًا فِي الْوُضُوءِ عُرْفًا. قَالَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالرِّعَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute