للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الدَّمِ: وَجَبَ غُسْلُهَا لِلْحَيْضِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ إلَّا بِالِانْقِطَاعِ: لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ؛ لِأَنَّ الشَّهِيدَةَ لَا تُغَسَّلُ. وَلَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ. قَالَهُ الْمَجْدُ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ: فِيمَا إذَا اسْتَشْهَدَتْ الْحَائِضُ قَبْلَ الطُّهْرِ. هَلْ تُغَسَّلُ لِلْحَيْضِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. إنْ قُلْنَا: يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهَا بِخُرُوجِ الدَّمِ: غُسِّلَتْ لِسَبْقِ الْوُجُوبِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ إلَّا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ: لَمْ يَجِبْ. انْتَهَى وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. مِنْهُمْ: الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ، أَوْ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ. وَلَمْ يُوجَدْ. قَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِهِ بَعْدَمَا ذُكِرَ مَا تَقَدَّمَ وَعَلَى هَذَا التَّفْرِيعِ إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمَوْتَ إمَّا أَنْ يُنَزَّلَ مَنْزِلَةَ انْقِطَاعِ الدَّمِ أَوْ لَا. فَإِنْ نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ لَزِمَ وُجُوبُ الْغُسْلِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَشَرْطِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُنَزَّلْ مَنْزِلَةَ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْحَائِضِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. فَلَا يَجِبُ غُسْلُهَا؛ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: الْمُوجِبُ هُوَ الِانْقِطَاعُ، فَسَبَبُ الْوُجُوبِ مُنْتَفٍ، وَإِنْ قُلْنَا: الْمُوجِبُ خُرُوجُ الدَّمِ. فَشَرْطُ الْوُجُوبِ وَهُوَ الِانْقِطَاعُ مُنْتَفٍ. وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ. انْتَهَى.

وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِالْخُرُوجِ احْتِمَالَيْنِ، لِتَحْقِيقِ الشَّرْطِ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ غَيْرُ مُوجِبٍ. انْتَهَى.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يَنْبَنِي أَيْضًا عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ، بَلْ لَا يَصِحُّ غُسْلُ مَيِّتَةٍ مَعَ قِيَامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ شَهِيدَةً وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الْمَذْهَبِ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ فِيهِ: أَنَّ غُسْلَهَا لِلْجَنَابَةِ قَبْلَ انْقِطَاعِ دَمِهَا لَا يَصِحُّ، لِقِيَامِ الْحَدَثِ. كَمَا هُوَ رَأْيُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَإِذًا لَا يَصِحُّ غُسْلُ الْمَوْتِ لِقِيَامِ الْحَدَثِ كَالْجَنَابَةِ. وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ لَمْ يَجِبْ حِذَارًا مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ غُسْلِهَا لِلْجَنَابَةِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَنْتَفِي هَذَا الْبِنَاءُ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>