وَتَقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ أَحْكَامٌ كَهَذِهِ الْأَحْكَامِ. وَاسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ هُنَاكَ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا. فَلْيُعَاوَدْ. فَإِنَّ أَكْثَرَ أَحْكَامِ الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٌ.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومَ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ.
أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ. وَيَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي شُرُوطِ السَّلَمِ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فِيهِ مَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالصِّفَةِ، كَالْجَوَاهِرِ وَسَائِرِ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ. فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَ الْعَقْدُ. وَتَقَدَّمَ: هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي أَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَالْعُرُوضِ؟ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَغْشُوشِ مِنْ الْأَثْمَانِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ ثَمَنًا وَاحِدًا فِي جِنْسَيْنِ: لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يَصِحُّ قَبْلَ الْبَيَانِ. وَهِيَ تَخْرِيجُ وَجْهٍ لِلْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَقَالَ: الْجَوَازُ هُنَا أَوْلَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْتِفَاتٌ إلَى مَعْرِفَةِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَصِفَتِهِ. وَلَعَلَّ الْوَجْهَيْنِ ثَمَّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ هُنَا. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute