للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْدُوَ عَلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ. وَمَا لَا يُؤْذِي بِطَبْعِهِ لَا جَزَاءَ فِيهِ. كَالرَّخَمِ، وَالْبُومِ وَنَحْوِهِمَا. قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: وَيَجُوزُ قَتْلُهُ. مِنْهُمْ النَّاظِمُ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ. نَقَلَ أَبُو دَاوُد: وَيَقْتُلُ كُلَّ مَا يُؤْذِيهِ، وَلِلْأَصْحَابِ وَجْهَانِ فِي نَمْلٍ وَنَحْوِهِ. وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ قَتْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَذًى، وَذَكَرَ مِنْهَا الذُّبَابَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالتَّحْرِيمُ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الذَّرِّ، وَنَقَلَ مُهَنَّا: وَيَقْتُلُ النَّمْلَةَ إذَا عَضَّتْهُ، وَالنَّحْلَةَ إذَا آذَتْهُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَجُوزُ قَتْلُ نَحْلٍ، وَلَوْ بِأَخْذِ كُلِّ عَسَلِهِ، وَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ نَحْلٌ إلَّا بِقَتْلِهِ. جَازَ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يُدَخِّنُ لِلزَّنَابِيرِ إذَا خَشِيَ أَذَاهُمْ. هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَحْرِيقِهَا، وَالنَّمْلُ إذَا آذَاهُ يَقْتُلُهُ.

فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ (وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ عَلَى الْمُحْرِمِ) . هَذَا إجْمَاعٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَحْرَ الْمِلْحَ وَالْأَنْهَارَ وَالْعُيُونَ سَوَاءٌ، وَالثَّانِيَةُ: مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ: كَالسُّلَحْفَاةِ وَالسَّرَطَانِ وَنَحْوِهِمَا كَالسَّمَكِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: أَنَّ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ لَهُ حُكْمُهُ، وَمَا يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ لَهُ حُكْمُهُ، وَأَمَّا طَيْرُ الْمَاءِ: فَبَرِّيٌّ بِلَا نِزَاعٍ؛ لِأَنَّهُ يُفَرِّخُ وَيَبِيضُ فِي الْبَرِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>