للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ يُرَدُّ بِهِ فِي الْبَيْعِ، وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: لَا تُؤْخَذُ عَوْرَاءُ وَلَا عَرْجَاءُ وَلَا نَاقِصَةُ الْخَلْقِ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ الْإِجْزَاءَ إنْ رَآهُ السَّاعِي أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ لِزِيَادَةِ صِفَةٍ فِيهِ، وَأَنَّهُ أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا: إخْرَاجَ الْمُكَسَّرَةِ عَنْ الصِّحَاحِ، وَرَدِيءِ الْحَبِّ عَنْ جَيِّدِهِ، إذَا زَادَ قَدْرُ مَا بَيْنَهَا مِنْ الْفَضْلِ عَلَى مَا يَأْتِي.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَلَا الرُّبَّى وَهِيَ الَّتِي تُرَبِّي وَلَدَهَا وَلَا الْحَامِلُ) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ، قَالَ الْمَجْدُ: وَلَوْ كَانَ الْمَالُ كَذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَحْدُودَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ، قُلْت: لَوْ قِيلَ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَ النِّصَابُ كَذَلِكَ، لَكَانَ قَوِيًّا فِي النَّظَرِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ.

قَوْلُهُ (وَلَا تَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ أَمْ لَا، لِمَصْلَحَةٍ أَوْ لَا، لِفِطْرَةٍ وَغَيْرِهَا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ تُجْزِئُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا، وَعَنْهُ يُجْزِئُ فِي غَيْرِ الْفِطْرَةِ، وَعَنْهُ تُجْزِئُ لِلْحَاجَةِ، مِنْ تَعَذُّرِ الْفَرْضِ وَنَحْوِهِ، نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، صَحَّحَهَا جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقِيلَ: وَلِمَصْلَحَةٍ أَيْضًا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةَ تُجْزِئُ لِلَجَاجَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ: إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ جُزْءًا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ جَازَ صَرْفُ ثَمَنِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ، قَالَ: وَكَذَا كُلُّ مَا يُحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَعِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ، وَعَنْهُ تُجْزِئُ عَمَّا يُضَمُّ دُونَ غَيْرِهِ. وَعَنْهُ تُجْزِئُ الْقِيمَةُ، وَهِيَ الثَّمَنُ لِمُشْتَرِي ثَمَرَتِهِ الَّتِي لَا تَصِيرُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا عَنْ السَّاعِي قَبْل جِدَادِهِ، وَالْمَذْهَبُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ، فَلَا تُجْزِئُ الْقِيمَةُ عَلَى مَا يَأْتِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>