ثَانِيهَا - يُرَجَّحُ الْمُوَافِقُ لِلْأُصُولِ فِي الْحُكْمِ: بِأَنْ يَكُونَ حُكْمُ أَصْلِهِ عَلَى وَفْقِ الْأُصُولِ الْمُقَرَّرَةِ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، لِلِاتِّفَاقِ عَلَى الْأَوَّلِ. ثَالِثُهَا - يُرَجَّحُ الَّذِي يَكُونُ مُطَّرِدًا فِي الْفُرُوعِ: بِأَنْ يَلْزَمَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ. رَابِعُهَا - انْضِمَامُ عِلَّةٍ أُخْرَى إلَيْهَا: لِأَنَّهَا تُزِيدُ قُوَّةَ الظَّنِّ وَالْحُكْمَ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ بِقُوَّةِ الظَّنِّ، وَاخْتَارَهُ فِي الْقَوَاطِعِ " وَحُكِيَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ تَصْحِيحُ عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَتَقَوَّى إلَّا بِصِفَةٍ فِي ذَاتِهِ، أَمَّا بِانْضِمَامِ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَلَا خَامِسُهَا - أَنْ يَكُونَ مَعَ إحْدَاهُمَا فَتْوَى صَحَابِيٍّ: فَيُرَجَّحُ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ مِمَّا يُثِيرُ الظَّنَّ بِاجْتِمَاعِهِمَا وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي تَفَارِيعِ مَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ، فَإِنْ جَعَلْنَا مَذْهَبَهُ حُجَّةً مُسْتَقِلَّةً كَانَ هَذَا مِنْ التَّرْجِيحِ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا، فَهَلْ تَكُونُ لَهُ مَزِيَّةُ تَرْجِيحِ الدَّلِيلِ أَوْ لَا؟ اخْتَلَفُوا عَلَى ثَلَاثِهِ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا - أَنَّهُ بِمَزِيَّةٍ كَغَيْرِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْقَاضِي وَالثَّانِي - نَعَمْ، مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ - وَهُوَ رَأْيُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الصَّحَابِيُّ مَشْهُورًا بِالْمَزِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْفَنِّ، كَزَيْدٍ فِي الْفَرَائِضِ، وَعَلِيٍّ فِي الْقَضَاءِ، اقْتَضَى التَّرْجِيحَ، وَإِلَّا فَلَا وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى الشَّافِعِيِّ، وَبَنَى الْإِبْيَارِيُّ الْخِلَافَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَوِّبَةِ وَالْمُخَطِّئَةِ فَقَالَ: عَلَى قَوْلِ التَّصْوِيبِ بِعَدَمِ التَّرْجِيحِ، وَعَلَى الثَّانِي بِالتَّرْجِيحِ وَجَعَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْمَرَاتِبَ أَرْبَعًا: أَعْلَاهَا الشَّهَادَةُ لِزَيْدٍ فِي الْفَرَائِضِ، لِأَنَّهَا تَامَّةٌ ثُمَّ يَلِيهِ مُعَاذٌ، ثُمَّ يَلِيه عَلِيٌّ، ثُمَّ يَلِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute