للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

- ٣٠ - قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ

هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ عَمَّا حَرَّمَ عليهم، فلا ينظروا إلاّ لما أباح لهم النظر إليه، وأن يغمضوا أَبْصَارَهُمْ عَنِ الْمَحَارِمِ، فَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ وَقَعَ الْبَصَرُ عَلَى مَحْرَمٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلْيَصْرِفْ بصره عنه سريعاً، كما روي عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أصرف بصري (أخرجه مسلم ورواه أبو داود والترمذي والنسائي أيضاً). وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلِيٍّ: «يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة» (أخرجه أبو داود الترمذي) وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا بُدَّ لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ أَبَيْتُمْ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ والنهي عن المنكر»، وَلَمَّا كَانَ النَّظَرُ دَاعِيَةً إِلَى فَسَادِ الْقَلْبِ، لذلك أَمَرَ اللَّهُ بِحِفْظِ الْفُرُوجِ، كَمَا أَمَرَ بِحِفْظِ الأبصار التي هي بواعث لذلك، فقال تعالى: {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ} وحفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} الآية، وَتَارَةً يَكُونُ بِحِفْظِهِ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ كَمَا جاء في الحديث: «احفظ عورتك إلا عن زوجتك أَوْ مَا مَلَكَتْ يمينك» (أخرجه أحمد وأصحاب السنن) {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} أَيْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِهِمْ وَأَنْقَى لِدِينِهِمْ، كَمَا قِيلَ: مَنْ حَفِظَ بَصَرَهُ أَوْرَثَهُ الله نوراً في بصيرته. وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ عبادة يجد حلاوتها». وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ النَّظَرَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومٌ مَنْ تَرَكَهُ مَخَافَتِي أَبْدَلْتُهُ إِيمَانًا يَجِدُ حلاوته في قلبه» (أخرجه الطبراني عن ابن مسعود مرفوعاً). وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الْأَعْيُنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>