قَالَ تَعَالَى: {فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ}، وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَفَارَ التَّنُّورُ}، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: التَّنُّورُ وَجْهُ الْأَرْضِ، أَيْ صَارَتِ الْأَرْضُ عُيُونًا تَفُورُ، حَتَّى فَارَ الْمَاءُ مِنَ التَّنَانِيرِ الَّتِي هِيَ مَكَانُ النَّارِ صَارَتْ تَفُورُ مَاءً، وَهَذَا قول جمهور السلف وعلماء الخلف، فحينئذٍ أَمَرَ اللَّهُ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يحمل معه السفينة {مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين} من صنوف المخلوقات ذوات الأرواح، وغيرها من النباتات اثنين ذكراً وانثى، وَقَوْلُهُ: {وَأَهْلَكَ إِلَاّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} أَيْ وَاحْمِلْ فِيهَا أَهْلَكَ وَهُمْ أَهْلُ بَيْتِهِ وَقَرَابَتِهِ، {إِلَاّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} مِنْهُمْ من لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ، فَكَانَ مِنْهُمُ ابْنُهُ (يَامٌ) الَّذِي انْعَزَلَ وَحْدَهُ، وَاِمْرَأَةُ نُوحٍ وَكَانَتْ كَافِرَةً بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ آمَنَ} أَيْ مِنْ قَوْمِكَ، {وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلَاّ قَلِيلٌ} أَيْ نَزْرٌ يَسِيرٌ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ وَالْمُقَامِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانُوا ثَمَانِينَ نَفْسًا مِنْهُمْ نِسَاؤُهُمْ، وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ: كَانُوا اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ نَفْسًا، وقيل كانوا عشرة، والله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute