للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك صدقة؛ فإن الصدقة لا تختص بالمال، قال وقد سئل عن قصر الصلاة حالة الأمن قال: "صدقة تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" (١).

وقال : "يصبح على كل سُلامي (٢) من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة (٣)، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وتجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" خرّج الحديثين مسلم (٤)؛ ولهذا استحب العلماء زيارة القبور؛ لأن القراءة والدعاء (٥) تحفة الميت مِن زائرِه.

روي عن النبي (٦) أنه قال: "ما الميت في قبره إلا كالغريق المغوث


= كُلِفت أن تنقل عن واحد من السلف أنه قال: اللهم اجعل ثواب هذا الصوم لفلان لعجزت؛ فإن القوم كانوا أحرص شيء على كتمان أعمال البر، فلم يكونوا ليشهدوا على الله بإيصال ثوابها إلى أمواتهم. فإن قيل: فرسول الله أرشدهم إلى الصوم والصدقة والحج دون القراءة؟ قيل هو لم يبتدئهم بذلك بل خرج ذلك منه مخرج الجواب لهم، فهذا سأله عن الحج عن ميته فأذن له، وهذا سأله عن الصيام عنه فأذن له، هذا سأله عن الصدقة فأذن ولم يمنعهم مما سوى ذلك. والقائل أن أحدًا من السلف لم يفعل ذلك قائل ما لا علم له به؛ فإن هذه شهادة على نفي ما لم يعلمه، فما يدريه أن السلف كانوا يفعلون ذلك ولا يشهدون من حضرهم عليه بل يكفي اطلاع علام الغيوب على نياتهم ومقاصدهم لا سيما والتلفظ بنية الإهداء لا يشترط. وسر المسألة: أن الثواب ملك العوامل فإذا تبرع به أو أهداه إلى أخيه المسلم أوصله الله إليه، فما الذي خص من هذا ثواب قراءة القرآن وحجر على العبد أن يوصله إلى أخيه؟. الروح لابن القيم ص (١٤٢) وما بعدها.
(١) أخرجه مسلم ١/ ٤٧٨، ح ٦٨٦.
(٢) السُّلامي: جمع سُلامية، وهي الأنملة من الأصابع، ويجمع على سُلاميات، وهي التي بين كل مفصلين من مفاصل أصابع الإنسان، وقيل: كل عظم مجوف من صغار العظام، والمعنى على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة، النهاية في غريب الحديث ٢/ ٣٩٦.
(٣) (وكل تهليلة صدقة): ليست في (ظ).
(٤) (خرج الحديثين مسلم): ليست في (ع، ظ). والحديث أخرجه مسلم ١/ ٤٩٨، ح ٧٢٠.
(٥) (والدعاء): ليست في (ع، ظ).
(٦) لم أجده هذه الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>