ينكر عليه، لأنه مجتهد ناظر مجتهدين، إذن: إنكار عائشة على
أبي سلمة يقابل بموافقة هذين الصحابيين، والوافقة مقدمة على
الإنكار، فيثجت أن التابعي المجتهد يُعتد بقوله مع الصحابة.
الجواب الثاني: أن إنكار عائشة لا يدل على مذهبكم وهو: أن
التابعي المجتهد لا يعتد بقوله في إجماع الصحابة؛ حيث إن إنكارها
ورد على شخص معين في قضية معينة، وهذا يحتمل احتمالين:
الاحتمال الأول: أن عائشة قد أنكرت على أبي سلمة؛ لأنه
يبلغ درجة الاجتهاد - من وجهة نظرها - ومن لم يبلغ درجة
الاجتهاد فلا يؤخذ برأيه في المسائل الفقهية.
الاحتمال الثاني: أن أبا سلمة قد يكون من البالغين درجة
الاجتهاد، ولكن عائشة أنكرت عليه لعدم تأدبه مع ابن عباس حبر
هذه الأُمَّة حال المناظرة من رفع صوت ونحوه، وقولها: " يصيح "
يشعر بذلك، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي، له أثره وهو واضح، فلو اتفق الصحابة
على حكم معين وخالفهم تابعي مجتهد، فهل يكون الإجماع صحيحا؟
اختلف في ذلك: والخلاف مبني على الخلاف في هذه المسألة.
فعلى المذهب الأول: لا يكون اتفاق الصحابة إجماعاً، بل
تكون المسألة مختلف فيها، لأنه يُعتد بخلاف التابعي المجتهد مع
الصحابة.
وبناء على المذهب الثاني: يكون اتفاق الصحابة إجماعاً،