النوع السادس: أن يأتي أمر الشارع أو نهيه في شيء ما، ثم
يذكر في أثناء هذا الأمر أو هذا النهي شيئاً آخر:
لو لم يقدر لمحونه عِلَّة لذلك الحكم المطلوب لم يكن له تعلق
بالكلام لا بأوله، ولا بآخره مما قد يعتبر خبطا واضطراباً في الكلام
يتنزه الشارع عنه.
مثاله: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) .
فيفهم من هذا: أن عِلَّة النهي عن البيع هي: كونه مانعا من
السعي إلى الجمعة؛ لأنناً لا يمكن أن نقدر النهي عن البيع مطلقا،
فإنه متناقض مع قوله تعالى: (وأحل اللَّه البيع) ، ويكون خبطا في
كلام الشارع واضطرابا فيه.
فلم يبق إلا أن يكون النهي عن البيع في وقت محدد، وهو
وقت: كونه شاغلاً عن السعي للجمعة.
***
النوع السابع: أن يذكر الشارع مع الحكم وصفا مناسبا لأن
يكون عِلّة لذلك الحكم:
كقوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم)
فعِلَّة جعل الأبرار في الجنة هي: البر، وعِلَّة جعل الفجار في النار
هي: فجورهم.
وهذا الحكم عام في كلام الشارع، وكلام المكلَّفين، ولا فرق
بينهما: فغالب كلام وألفاظ الشارع قد اعتبرت فيه المناسبة.
وكذلك كلام المكلَّفين العقلاء قد اعتبرت فيه المناسبة، ومن ذلك