رجلاً بالبلاغة فأني في ذكره بأوصافها، وما يستحسن منها فقال: كان والله بارع المنطق، جزل الألفاظ، فصيح اللسان، ليس بالهذر في منطقه، ولا المتعسف في مقصده، معناه إلى القلب أسبق من لفظه إلى السمع. فجمع في هذه الألفاظ اليسيرة جميعه ما وصفنا به البلاغة، وذكرنا به أهلها، وأمرنا المتعاطي لها أن يستعمله فيها، فمن تهيأ له أن يكون فيها كما وصف، فهو أكتب الناس لساناً، وأحسنهم [بياناً] ولو لم نتقدم من ذكر البلاغة إلا بهذا القول من شيخنا - رحمه الله - لكفى وأجزأ.
كاتب العقد:
وأما كاتب العقد فهو كاتب قد ذكره - عز وجل - في كتابه:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} وقال: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} وقال: {يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ}، وعلم الخاصة والعامة والعقلاء والجهال بمنفعة الحساب، وإقرارهم بالحاجة إليه في سائر أمور معايشهم، وأمر دنياهم وآخرتهم يغنينا عن ذكر فضله، والتشاغل بوصف نفعه، وليس في العلوم كلها ما لا يختلف فيه أهله، ولا تتباين فيه آراء علمائه غيره. وليس في العلوم كلها ما إذا أخطأ المخطئ فيه أو أصاب علم بإصابته أو خطئه المرتضاون فيه كما يعلمه المتمهرون فيه غيره. وإذا تبين متبين أصل تركيبه وجد الحكمة التي فيه، وإتقان الصنعة التي في تركيبه يدلان على أن الله - عز وجل - هو الذي تولى تركيبه، وأنه ليس من صناعات المخلوقين، فإنك إذا فكرت فيه وجدت كل عدد قل أو كثر