يريد: ومن يترك المعاصي ويندم عليها ويدخل في العمل الصالح فإنه بذلك تائب إلى الله (مَتَاباً) مرضيا عنده مكفرا للخطايا محصلا للثواب. أو فإنه تائب متابا إلى الله الذي يعرف حق التائبين ويفعل بهم ما يستوجبون، والذي يحب التوابين
الإيمان والطاعة والتقوى إفادة ما إذا قيل: بفضل الله عليهم بالثواب والكرامات، وأن يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ يوم القيامة، لاسيما إيراد إبدال السيئات بالحسنات بعد اسم الإشارة المؤذن بأن ما يرد عقيبه جديرٌ بمن قبله، لأجل اكتسابه الخلال الحميدة، والمذكور قبله: التائب، والخصال الحميدة: الإيمان والأعمال الصالحة، فلابد إذاً من أمرٍ آخر زائدٍ وليس ذلك إلا الثواب في الآخرة.
ويؤيده قوله:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} أي: غفوراً حيث حط عنهم بالتوبة والإيمان مضاعفة العذاب، والخلود في النار والإهانة، رحيماً حيث بدل سيئاتهم بالثواب الدائم، والكرامة في الجنة، وكذا تذييل الكلام بقوله:{وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} المفسر بقوله: "متابا مرضياً عنده مكفراً للخطايا، محصلاً للثواب وإلى الله الذي يعرف حق التائبين ويفعل بهم ما هو أهله، ويحب التوابين"، وأنت قد علمت أن التذييل كالتأكيد للمذيل، فلابد من مراعاة معنى الثواب فيه ليصح.
قوله:({متاباً} مرضياً عنده مكفراً)، وذلك أن الشرط والجزاء إذا اتحدا معنى حمل الجزاء على نهاية ما يحتمله من المعنى، ونحوه قولهم: من أدرك الصمان فقد أدرك.
قوله:(أو: فإنه تائبٌ متاباً إلى الله)، يعني: أعيد المعنى ليناط به صريح اسمه الجامع،