"سُمي الشيء المؤتمن عليه والمعاهد عليه أمانة"، فإذاً المرادُ من الأمانة والعهد المصدر، وهو جنسٌ يتناول كل ما يطلق عليه الأمانة أو العهد. ولهذا قال:"من جهة الله عز وجل، ومن جهة الخلق". ويؤيد هذا التفسير قراءة الأكثر:(لأَمَانَاتِهِمْ)، قال مكي بن أبي طالب:"أماناتهم": مصدرٌ، وحقه أن لا يُجمع؛ لدلالته على القليل والكثير من جنسه، لكن لما اختلفت أنواعُ الأمانة لوقوعها على الصلاة والزكاة والصوم والحج وغير ذلك من العبادات، وكذلك حق العباد جاز جمعها؛ لأنها لاختلاف أنواعها شابهت المفعول به، فجمعت كما يجمع المفعول به، وقد أجمعوا على الجمع في قوله تعالى:(أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)[النساء: ٥٨]، وقد قرأ ابن كثير بالتوحيد في (قَدْ أَفْلَحَ)، ودليله إجماعهم على التوحيد في (وَعَهْدِهِمْ)، وهو مصدرٌ مثلها. فعلى هذا يُجعل قوله:(رَاعُونَ) استعارة للاهتمام بشأنها، والمحافظة عليها من أن يخان وينكث، قال الشاعر: