للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقولون: سبحان من بلغ عبداً بيع بعشرين درهما ما بلغ، ولقد شرفت الآن بكم وعظمت في العيون حيث علم الناس أنكم إخوتي، وأني من حفدة إبراهيم.

(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) قيل هو القميص المتوارث الذي كان في تعويذ يوسف وكان من الجنة، أَمره جبريل عليه السلام أن يرسله إليه فإنّ فيه ريح الجنة، لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلا عوفي (يَاتِ بَصِيراً) يصر بصيراً، كقولك: جاء البناء محكماً، بمعنى صار. ويشهد له (فَارْتَدَّ بَصِيراً) [يوسف: ٩٦]، أو: يأت إليّ وهو بصير. وينصره قوله: (وَاتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) أي: يأتني أبي، ويأتني آله جميعاً وقيل: يهوذا هو الحامل، قال: أنا أحزنته بحمل القميص ملطوخاً بالدم إليه، فأفرّحه كما أحزنته. وقيل: حمله وهو حافٍ حاسرٌ من مصر إلى كنعان، وبينهما مسيرة ثمانين فرسخاً.

[(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ* قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ* فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وينصره قوله: (وَاتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ))، أي: يقوي هذا الوجه- وهو أن يجري (يَاتِ) على حقيقته، ويكون (بَصِيراً) حالاً من فاعله- عطف قوله: (وَاتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) على (يَاتِ)، لأن المعنى: يأتيني أبي وأهلي كلهم.

فإن قلت: أي الدليلين أظهر؛ قوله: (فَارْتَدَّ بَصِيراً) أم (وَاتُونِي)؟ قلت: الثاني، لأنه أبلغ وأوجز وأقطع لحصول ما ترتب عليه إلقاء القميص- كأنه قيل: لا شك في ارتداد البصر، لأنه مقطوع به، بل الكلام في إتيانه بصيراً-، ولأن إتيان الأهل على سبيل التبعية أولى من العكس، ودخول الأب في زمرة الأهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>