للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل. لم يرد نفي العلم عنهم، لأنهم كانوا علماء، ولكنهم لما لم يفعلوا ما يقتضيه العلم ولا يقدم عليه إلا جاهل، سماهم جاهلين. وقيل: معناه إذ أنتم صبيانٌ في حد السفه والطيش قبل أن تبلغوا أوان الحلم والرزانة. روي أنهم لما قالوا: (مسنا وأهلنا الضر) وتضرعوا إليه ارفضت عيناه، ثم قال هذا القول. وقيل: أدوا إليه كتاب يعقوب: "من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله، إلى عزيز مصر. أما بعد، فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء: أما جدّى، فشدّت يداه ورجلاه ورمى به في النار ليحرق فنجاه الله وجعلت النار عليه برداً وسلاماً، وأما أبي فوضع السكين على قفاه ليقتل ففداه الله. وأمّا أنا فكان لي ابن وكان أحبّ أولادي إلىّ فذهب به إخوته إلى البرية،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولا يقدم عليه إلا جاهل)، عطف من حيث المعنى على ما قبله، فإن قوله: "لم يفعلوا ما يقتضيه العلم" في معنى: فعلوا ما اقتضاه الجهل، فكأنه قيل: فعلوا ما اقتضاه الجهل، ولا يقدم عليه إلا جاهل.

وقلت: يمكن أن يقال: لم يفعلوا ما يقتضيه العلم، وفعلوا ما لا يقدم عليه إلا جاهل، وعكسه قوله: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: ٦].

قوله: (وقيل: معناه: إذ أنتم صبيان في حد السفه والطيش)، وهذا تعليم منه للاعتذار عنه، كقول موسى عليه السلام: (فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ) [الشعراء: ٢٠] في جواب (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ) [الشعراء: ١٩]، وهم لو طلبوا عذراً لم يجدوا كذلك، كقوله تعالى: (مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) [الانفطار: ٦].

قوله: (ارفضت عيناه)، الجوهري: "ارفضاض الدمع: ترششه".

<<  <  ج: ص:  >  >>