للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو لتقيَّةٍ مما لا دليلَ عليه ولا أَمارة، أو لبُخلٍ بالعِلْم، وغَيْرةٍ أن يُنْسَبَ إليه غيرهم. وعن النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم «مَن كَتَمَ عِلْمًا عن أهْلِه أُلجِمَ بلِجامٍ مِنْ نار»، وعن طاووس: أنه قال: لوهْبٍ: إنِّي أرى اللَّه سوف يعذِّبُك بهذه الكُتب. وقال: واللَّه لو كنتَ نبيَّا فكَتمتَ العِلْمَ كما تكتُمُه لرأيتُ أنّ اللَّهَ سيُعذبك. وعن محمدِ بن كَعْبٍ: لا يَحِلُّ لأحدٍ من العُلماءِ أنْ يسكُتَ على عِلمِه ولا يحلُّ لجاهلٍ أن يسكُتَ على جَهْلِه حتى يَسأل. وعن علي رضى اللَّه عنه. ما أخذ اللَّه على أهل الجَهْل أن يتعلَّموا حتى أخَذَ على أهلِ العلمِ أن يُعَلَّموا: وقُرئ: (ليُبينُنَّه). (ولا يَكتمونه)، بالياء، لأنهم غَيَبٌ؛ وبالتاءِ على حكايةِ مُخاطبتِهم، كقوله: (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ) [الإسراء: ٤].

(لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ١٨٨].

(لا تَحْسَبَنَّ): خطاب لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. وأحد المفعولين (الَّذِينَ يَفْرَحُونَ) والثاني (بِمَفازَةٍ) وقوله: (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) تأكيد،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (مما لا دليل عليه): متعلق بتقية، أي: الاتقاء من شيء لا دليل ولا أمارة على اتقائه.

قوله: (من كتم علماً عن أهله). الحديث من رواية أبي داود والترمذي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سئل علماً يعلمه فكتمه ألجم بلجام من نار".

قوله: (وقرئ: ليبيننه) بالياء التحتانية: ابن كثير وأبو عمرو، والباقون: بالتاء.

قوله: ((فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ): تأكيد)، قال الزجاج: العرب تعيد إذا طالت القصة "حسبت" وما أشبهها إعلاماً أن الذي جرى متصل بالأول وتوكيداً، فتقول: لا تظنن زيداً إذا جاءك وكلمك بكذا وكذا فلا تظننه صادقاً، فتعيد "لا تظننه" توكيداً وتوضيحاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>