للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خوطب المؤمنون بذلك؛ ليوطنوا أنفسهم على احتمال ما سيلقون من الأذى والشدائد والصبر عليها، حتى إذا لقوها لقوها وهم مستعدون، لا يرهقهم ما يرهق من تصيبه الشدة بغتة فينكرها وتشمئز منها نفسه.

(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ١٨٦].

والبلاء في الأنفس: القتل، والأسر، والجراح، وما يرد عليها من أنواع المخاوف والمصائب، وفي الأموال: الإنفاق في سبل الخير وما يقع فيها من الآفات؛ وما يسمعون من أهل الكتاب: المطاعن في الدين الحنيف، وصدّ من أراد الإيمان، وتخطئة من آمن، وما كان من كعب بن الأشرف من هجائه لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وتحريض المشركين، ومن فنحاص، ومن بني قريظة والنضير (فَإِنَّ ذلِكَ): فإن الصبر والتقوى ٠ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) من معزومات الأمور، أي: مما يجب العزم عليه من الأمور أو مما عزم اللَّه أن يكون، يعنى: أنّ ذلك عزمة من عزمات اللَّه، لا بد لكم أن تصبروا وتتقوا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وما يسمعون) إلى آخره: عطف على قوله: البلاء أي: البلاء في الأنفس: القتل وما يرد عليها، وفي الأموال: الإنفاق وما يقع فيها، وفي الدين: المطاعن وما يسمعون، لكن غير العبارة فجعل "ما يسمعون" مبتدأ والخبر "المطاعن"، وعطف "صد" و"تخطئة" وما كان على الخبر.

قوله: (من معزومات الأمور)، جعل المصدر في تأويل المفعول وجمعه لإضافته إلى الأمور، أو "مما عزم الله": معطوف على "ما يجب"، ويجوز أن يعطف على "معزومات".

قوله: (عزمة من عزمات الله)، العزم يجيء لمعنيين: بمعنى الجد والصبر، وبمعنى الفريضة أيضاً، والمصنف حمل الآية على المعنيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>