لا يخرج منهم شيء من ملكوته وربوبيته، ومن كونه منعماً بالنعم كلها الظاهرة والباطنة، والجلائل والدقائق، ومن كونه مالكاً للأمر كله في العاقبة يوم الثواب والعقاب، بعد الدلالة على اختصاص الحمد به، وأنه به حقيق في قوله:(الْحَمْدُ لِلَّهِ) دليل على أن من كانت هذه صفاته لم يكن أحد أحق منه بالحمد والثناء عليه بما هو أهله.
[(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ٥].
(إيّا): ضمير منفصل للمنصوب، واللواحق التي تلحقه من الكاف والهاء والياء في قولك: إياك وإياه وإياي، لبيان الخطاب والغيبة والتكلم، ولا محل لها من الإعراب،
في "أنه به" للحمد، والثاني لله تعالى أو بالعكس. قال القاضي:"ترتب الحكم على الوصف مشعر بعليته له، وللإشعار من طريق المفهوم على أن من لم يتصف بتلك الصفات لا يستأهل أن يحمد فضلاً أن يعبد".
وفي قوله:(لم يكن أحد أحق منه بالحمد) وفي تخصيص أفعل التفضيل إيماء إلى مذهبه.
قوله:(من ملكوته)، أي: ملكه وتصرفه فيه بمواجب مشيئته وقضايا حكمته. وفي تكرير قوله:"ومن كونه" إشعار باستقلال كل من الصفات على حدة في الإشعار بالعلية كتكرير "كان" في قوله تعالى: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً)[الكهف: ٨٢].
قوله:(ولا محل لها من الإعراب)، قال الزجاج: موضعها خفض بإضافة "إيّا" إليها. و"إيّا" اسم للمضمر المنصوب إلا أنه ظاهر يضاف إلى سائر المضمر نحو قولك: إياك ضربت، وإياه ضربت، وإياي حدثت. ولو قلت: إيّا زيد حدثت كان قبيحاً؛ لأنه خص به