لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيتُمْ} وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بالعقاب من عنده" فأخبرهم أنهم يضعونها على غير مواضعها في فهمهم منها خلاف ما أريد بها.
وأشكل على ابن عباس أمر الفرقة الساكتة التي لم ترتكب ما نُهِيت عنه من اليهود، هل عذبوا أو نجوا حتى بين له مولاه عكرمة دخولهم في الناجين دون المعذبين، وهذا هو الحق؛ لأنه سبحانه قال عن الساكتين:{وَإِذْ قَالتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} فأخبر أنهم أنكروا فعلهم وغضبوا عليهم، وإن لم يواجهوهم بالنهي، فقد واجههم به من أدى الواجب عنهم. فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، فلما قام به أولئك سقط عن الباقين فلم يكونوا ظالمين بسكوتهم.
وأيضًا: فإنه سبحانه إنما عذب الذين نسوا ما ذكروا به، وعتوا عما نهوا عنه، وهذا لا يتناول الساكتين قطعًا؛ فلما بين عكرمة لابن عباس أنهم لم يدخلوا في الظالمين المعذبين كساه برده وفرح به.
وقد قال عمر بن الخطاب للصحابة: ما تقولون في {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)} السورة؟ قالوا: أمر الله نبيه إذا فتح عليه أن يستغفر. فقال لابن عباس: ما تقول أنت؟ قال: هو أَجَلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه إياه. فقال: ما أعلم منها غير ما تعلم. إلى أن قال رحمه الله:
والمقصود تفاوت الناس في مراتب الفهم في النصوص، وأن منهم من يفهم في الآية حكمًا أو حكمين. ومنهم من يفهم منها