ونستعين الله عليهم .." إلى آخر كلامه رحمه الله في هذا المبحث. والمقصود عنده دلالة النصوص على الوفاء بالعهود والشروط، ومنع الإخلاف في ذلك، إلا ما دل عليه دليل خاص، وذلك واضح من النصوص التي ساقها كما ترى.
ثم بين رحمه الله أن المخالفين في ذلك يجيبون عن الحجج المذكورة تارة بنسخها، وتارة بتخصيصها ببعض العهود والشروط، وتارة بالقدح في سند ما يمكنهم القدح فيه، وتارة بمعارضتها بنصوص أخر، كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق وشرط الله أوثق". وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد".
وكقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩)}. وأمثال ذلك في الكتاب والسنة. قال: وأجاب الجمهور عن ذلك بأن دعوى النسخ والتخصيص تحتاج إلى دليل يجب الرجوع إليه ولا دليل عليها، وبأن القدح في بعضها لا يقدح في سائرها، ولا يمنع من الاستشهاد بالضعيف وإن لم يكن عمدة لاعتضاده بالصحيح، وبأنها لا تَعارُضَ بينها وبين ما عارضوها به من النصوص.
ثم بين أن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما كان من شرط ليس في كتاب الله" أي في حكمه وشرعه، كقوله تعالى:{كِتَابَ اللَّهِ عَلَيكُمْ}، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كتاب الله القصاص" في كسر السن، قال: فكتابه سبحانه يطلق على كلامه وعلى حكمه الذي حكم به على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ومعلوم أن كل شرط ليس في حكم الله فهو مخالف له،