ومن أشكال الرفاهية الأخرى في الكيبوتس صالونات التجميل (الكوافير) لتصفيف شعر النساء، وقيام الكيبوتس بتنظيم رحلات لزيارة المسارح والمتاحف في المدن الكبيرة. بل إن الكيبوتس يقوم بتنظيم رحلات سياحية إلى الخارج لأعضائه الذين يقومون بجولاتهم داخل وخارج إسرائيل كجماعة، كما أنه يمول أعضاءه الذين يقومون بدراسات جامعية وعليا، فهم يحصلون على ما يشبه الإجازة الدراسية بمرتب. وقد نشرت إحدى الصحف مؤخراً مفردات متوسط دخل عضو الكيبوتس، فبيَّنت أن دخله الفعلي السنوي يضعه في شرائح المجتمع الإسرائيلي العليا.
من كل هذا يمكننا أن نستنتج أن الصورة النمطية المألوفة عن حياة التقشف داخل الكيبوتسات لم تعد دقيقة، وأن أعضاء الكيبوتسات قد لا يملكون شيئاً مثل المماليك، ولكنهم، شأنهم شأن المماليك أيضاً، يرفلون في حلل النعيم، ويكوِّنون في نهاية الأمر تشكيلاً طبقياً متميِّزاً، يتحكم في المجتمع وينعم بخيراته.
٣ ـ من الزراعة إلى الصناعة:
أشرنا إلى أن الطابع الزراعي العسكري للكيبوتس ليس مجرد صفة عرضية، وإنما سمة بنيوية (أي لصيقة ببنيته) ، ومن هنا أيضاً فإن تحوُّله من الزراعة إلى الصناعة يُعدُّ تحولاً بنيوياً عميق الدلالة، لأنه سيترك أثره في نمط الحياة داخله، وهذا ما يحدث الآن.
وقد بدأ هذا التحول في أواخر الخمسينيات حينما حقق الكيان الصهيوني فائضاً زراعياً كبيراً، ووُصف الكيبوتس حينئذ بأنه «عدو الدولة» اللدود، فكان على الكيبوتس حينئذ أن يتحول بالتدريج ليضمن لنفسه النجاح والبقاء الاقتصادي.
وقد يكون من المفيد أن نذكر بعض الحقائق التي قد تُعطي القارئ فكرة عن هذا التحوُّل. ففي عام ١٩٦٠ كان ٣٠ % من أعضاء الكيبوتس يعملون في الصناعة، أما عام ١٩٧٠، فقد بلغت نسبتهم ٤٥% وتزيد النسبة الآن عن ٥٠%.