للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكيبوتس: تحولاته الجوهرية

Kibbutz: Radical Changes

إذا كان الكيبوتس هو المجتمع الصهيوني مصغراً ومبلوراً، فأزمته هي أيضاً أزمة هذا المجتمع مصغرة ومتبلورة. والتحولات التي طرأت عليه هي تعبير مصغر متبلور عن التحولات التي طرأت على العقيدة الصهيونية. وثمة مظاهر كثيرة لتحولات الكيبوتس وللأزمة التي يواجهها يمكن أن نذكر منها ما يلي:

١ ـ المرأة:

حاولت الحركة الكيبوتسية ـ كما أسلفنا ـ أن تقضي على بعض المؤسسات الاجتماعية الإنسانية ـ مثل الزواج والأسرة بحجة أنها مؤسسات بورجوازية قديمة بالية، وأن «التقدم» يتطلب أن نطرحها جانباً. بل إن كثيراً من الكيبوتسات حاولت أن تلغي الفروق بين الرجل والمرأة حتى يتم «تحرير» المرأة تحريراً كاملاً، ولذلك تم توزيع العمل بين الأعضاء بغض النظر عن الأساس الجنسي، وأصبح من الممكن أن يوكل للمرأة أي عمل أو وظيفة. ومما ساعد على هذا الاتجاه أن تنشئة الأطفال الجماعية، بعيداً عن نفوذ الوالدين «أعفى» المرأة من وظيفة الأمومة، وهي الوظيفة التي تعوقها في جميع المجتمعات الأخرى عن القيام بوظائف الرجال وأعمالهم.

هذا البرنامج التحرري برنامج غير إنساني، ينكر الكثير من حقائق الحياة البيولوجية والنفسية التي لا مناص من قبولها. ولذلك ليس من قبيل الصدفة أن أولى المشاكل التي واجهها الكيبوتس هي مشكلة المرأة التي يهدف إلى "تحريرها" من سجنها البيولوجي وإلى "إعفائها" من أمومتها. ولكن ما حدث أن المرأة لم تجد الخلاص في الكيبوتس، بل أصبحت من أكبر عناصر عدم الاستقرار فيه للأسباب التالية:

أ) الأعمال اليدوية التي توكل لها شاقة ومضنية في غالب الأحيان، وهو ما يسبب لها العناء والإجهاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>